مقابلة مع سردار عبد الله حول اوضاع الطبقة العاملة في كردستان العراق

 

نحو الاشتراكية: قتل عدد من العمال في كردستان العراق اثناء عملهم نتيجة لانهيار المبنى على رؤوسهم اثناء عليهم. هل لك ان تصف ماحدث ومن المسبب لهذه الاوضاع غير الامنة والتي نتجت عن مثل هذه الحوادث الكارثية للعمال في اماكن عملهم؟

 

 

 سردار عبد الله: قبل مدة وفي مدينة السليمانية قتل عاملان من 6 عمال كانوا يعملون نتيجة انهيار المبنى عليهم. ولكن هذه الحادثة ليست جديدة او عرضية. فقد قتل لحد الان قرابة ال 21 عامل وخاصة في منطقة السليمانية نتيجة انعدام ظروف السلامة المهنية لهم والاهمال الكبير في اماكن العمل. ان  السبب الرئيسي لهذه الاحداث المروعة هو الشركات الخاصة وايضا حكومة اقليم كردستان. ان اصحاب الشركات لا يوفرون الظروف المهنية الملائمة والامينة للعمال وبالتالي فانهم المسؤولين المباشرين عن هذه الجرائم وكذلك الحكومة.

 

نحو الاشتراكية: وضع الطبقة العاملة في كردستان وبشكل نسبي احسن من وضعها في بقية اجزاء العراق بسبب استتاب الوضع الامني وعدم وجود الصراعات الرجعية بين القوى الاسلامية, ماهو برأيك عدم اكتراث حكومة اقليم كردستان بتوفير قوانين وشروط السلامة المهنية وفرض شروط عمل انسانية داخل المعامل والورش ومواقع العمل؟

 

سردار عبد الله: ان ذلك يعود الى اي طبقة مسيطرة على السلطة السياسية؟ ان السبب هو البرجوازية الكردية وقواها السياسية القومية المسلطة على اقليم كردستان وجماهيرها. ان قوانين البرجوازية المفروضة هناك محسوبة بدقة وفق  مقاييس ارباحهم. ان اضرت القوانين او تطبيقها بارباح الطبقة البرجوازية فانهم سيلغون او يكافحون لالغاء هذه القوانين. ان القانون السائد حاليا في كردستان يطابق بدقة مصالح الطبقة الحاكمة وان فرضت شروط السلامة المهنية للعمال فان ذلك يتطلب تكاليف اضافية تقع على كاهل الرأسماليين. ومن جانب اخر فان الدولة بادعاءها انها غير مسؤولة بل اصحاب الشركات فان على الدولة اذن ان تحاكمهم على الاهمال باعتباره جريمة قتل. لم لا يوفر صاحب العمل ورأس المال الظروف الامنة لعمل العمال؟ مالسبب ؟ ولم لا تحاسبه حكومة الاقليم؟ السبب هو ان مصالحهم مشتركة وواحدة وبينهما عقد لتقاسم الارباح مع تلك الشركات. هذه هي برأيي اسباب الاهمال وترك العمال يلقون مصيرهم المأساوي هكذا بكل سهولة.

نحو الاشتراكية: ولكن لم برأيك ان الطبقة العاملة في كردستان هي التي تعاني من هذه المسألة في حين ان الطبقة العاملة في اوربا مثلا لا تعاني بشدة من حوادث العمل بهذه الطريقة؟.

 

سردار عبد الله: ان ذلك يرجع الى العمال انفسهم. ان الطبقة البرجوازية تسعى وراء الارباح فقط غير عابئة باي شئ ولكن الطبقة  العاملة في كردستان او الشرق الاوسط عموما لديهم مشكلة النضال الموحد والمنظم. الطبقة العاملة ليست منظمة كما الطبقة العاملة في اوربا مثلا للدفاع عن حقوقهم كالتنظيم في نقابات او مجالس او سنديكات. هناك طبعا منظمات عمالية في كردستان العراق ولكن لا يبدو ان هذه المنظمات تمثل مصالح العمال انهم يدعون الدفاع عن العمال بالكلام ولكن بالواقع فان العكس هو الصحيح فان اغلب هذه المنظمات تدافع عن الطبقة البرجوازية ومصالحها وليس مصالح العمال. ان المنظمات العمالية في اوربا تمثل الى حد ما العمال ومصالحهم في حين ان قيادات المنظمات العمالية في كردستان تشارك قادة الطبقة البرجوازية وهم يقودون منظمات تابعة للسلطة الى حد كبير. ان هذه المنظمات  ليست منظمات واقعية. لو وجدت المنظمات الواقعية والمستقلة للطبقة العاملة فان بامكان العمال كسب مطالبهم وتحسين حياتهم وظروف عملهم. لذا ادعو العمال الى تنظيم انفسهم وتشكيل منظماتهم بانفسهم والنضال داخل هذه المنظمات من اجل مطالبهم. بامكانهم حينها القيام بالاضرابات والتظاهرات وكل اشكال النضال التي يحصلون عليها.

 

نحو الاشتراكية: كيف تنظر الى نضال الطبقة العاملة في كردستان في وضع تعتبر فيه كردستان جزء من العراق وحكام كردستان جزء معتبر من التركيبة السياسية للطبقة الحاكمة في العراق. ويمكن بهذا المعنى اعتبار ان البرجوازية هنا موحدة، اليس من الضروري برأيك توحد الطبقة العاملة في المقابل لكي تناضل بشكل مشترك؟

 

سردار عبد الله: لا ارى ان الطبقة البرجوازية في العراق موحدة. هناك خلافات وصراعات عميقة قومية ودينية وطائفية داخل هذه القوى. ولكن المشكلة هو وجود الميليشيات وتغلغلها في السلطة. ان هذه هي احد خصائص الحكم في العراق حتى بالنسبة للبلدان الاخرى المحيطة. ورغم اشتداد هذه الصراعات بين قوى البرجوازية فانهم ازاء الطبقة العاملة لديهم مصلحة واحدة. سمة هذه الطبقة الفساد والنهب والسلب وسرقة المنتجين والكادحين. هذه هي نقطة توحدهم. ولكن كيف يواجه العمال هذه السلطة وبيد الاخيرة السلاح والقمع ؟ الحل هو في توحدهم ونضالهم المشترك، ليس بشكل اقتصادي فقط، بل في التدخل السياسي المباشر. ان مطالب العمال يجب ان تكون سياسية ايضا اي ان يقولوا ايضا لا للميليشيات الدينية والطائفية ولا للميليشيات القومية وان يفرضوا حق الاضراب والتنظيم والتظاهر عالية كما في اي مجتمع مدني. ان من الضروري ان يأخذوا هذا المطلب بجدية وان يزيلوا هذه العقبة من طريقهم لكي يتقدموا. كيف يرفعونها ؟ بتنظيم انفسهم وتدخلهم السياسي وليس فقط النضال الاقتصادي.

 

نحو الاشتراكية: بصدد النضال السياسي للطبقة العاملة، هناك ما يسمى بمشروع قرار حول تحريم مس المقدسات الذي تم ايصاله لبرلمان كردستان. كحزب شيوعي عمالي ما هو  رأيكم بمشروع القرار هذا ، وهل ترى ان هناك ارتباط بين الاظطهاد الاقتصادي للعمال و سلب حقوقهم  المعيشية وتركهم يعملون في اماكن خطرة، وبين محاولة امرار قرارات ترسخ القمع وضرب حرية التعبير ؟

 

سردار عبد الله: ما تتحدثون عنه هو مشروع قرار حاول وزير الاوقاف في حكومة اقليم كردستان امراره على البرلمان ولكنه فشل ولم يحصل على اصوات. البعض من المعترضين يقولون ان مشروع القرار هذا موجود في القانون بشكل اخر فليس من الضروري جلب قرار اخر مشابه!.  وفي الواقع فان ما افشل القرار هو ضغط المنظمات المدنية والراديكالية وجمع التحرريين. مشروع القرار المشار له كان يهدف الى تقديس الاديان او كما يسمونه تحريم المس بالمقدسات اي يعاقب من ينتقد الدين وخاصة الدين الاسلامي حيث يعتبر هذا القرار ان الدين مقدس من مقدسات المجتمع وفوق النقد ويعتبر التعرض له جريمة. وبمعنى اخر يريدون تحديد حرية التعبير ومشروع القرار هذا موجه تحديدا ضد العلمانيين والتحرريين والشيوعيين وكل من ليس له اعتقاد بالدين. يريدون كم الافواه. ولكنهم لم يقدروا ولن يقدروا. فالحركة التحررية والعلمانية في كردستان قوية. اعتقد ان هذه الحركة هي التي ردعت الطبقة البرجوازية ومنعتها من تمرير هذا القرار الرجعي السافر.

 

اما بخصوص سؤالكم حول الربط بين مشروع هكذا قرار وبين الحركة العمالية فهي انهم في حال نجاحهم في امرار هكذا قرارات سيزيدون من قمع الطبقة العاملة؛ تصوروا اي انتقاد يوجهه قائد عمالي للقيادات الدينية او الشيوخ والملالي او القوانين الدينية المعادية للمساواة فان بامكان البرجوازية بسهولة وبوجود هكذا قوانين ان يجلبوا هؤلاء القادة العماليين والراديكاليين الى المحاكمة تهمة التعرض لمقدسات الجماهير !!. هذا القرار ما هو  الا وسيلة قمع. ان القمع يوجه الى الطبقة التي لا تملك وسائل التعبير كما الطبقة الحاكمة. انها الطبقة العاملة.

 

نحو الاشتراكية: هناك انتهاكات واسعة تجري في تركيا ضد الجماهير الناطقة بالكردية. هذه الاحداث تلقي بظلالها على الحركة الاعتراضية في كردستان العراق. هل يمكن ان تسلط بعض الضوء على ما يجري في تركيا وتبين بشكل مختصر نداءك للمواطنين في العراق من اجل التصدي لهذه الانتهاكات.

 

سردار عبد الله: هناك حوالي 2000 مضرب عن الطعام في السجون التركية بعضهم على حافة الموت. هؤلاء سياسيون ينتمون الى حزب العمال الكردستاني وحزب اخر معارض. بطبيعة الحال فان الاضراب عن الطعام شكل غير مقبول من اشكال الاعتراض لانه غير انساني. ولكن هناك سبب لقيام السجناء بهذه الاضرابات هو انهم محرومين من الحقوق كليا. وبغض النظر عن نقدنا لسياسات وممارسات حزب العمال الكردستاني وتحفظنا على اساليبه النضالية فان الدولة التركية هي نفسها تقوم باعمال ارهابية ضد جماهير كردستان وهناك حرمان هائل وتعسف يمارس ضد جماهير كردستان لذا فاني اطالب بتلبية مطالب هؤلاء السجناء واطلاق سراحهم في الحال. كما ادعوا جماهير كردستان و العراق الى مساندة نضال جماهير كردستان تركيا من اجل الحصول على حقوقها التي مازالت الحكومة التركية القومية تحرمهم من ابسطها واكثر اساسية و تمارس ابشع انواع التعسف والقهر ضدهم.