مقابلة مع سردار عبدالله عضو المكتب السياسي حول جولات مسعود البارزاني في المنطقة واخر مستجدات الأوضاع السياسية في كردستان

 

نحو الاشتراكية: لقد جاء موعد زيارة مسعود البارزاني لكل من ايران وتركيا بالتزامن مع القرار الامريكي النهائي بالانسحاب من العراق. فهل ترى أية علاقة بين الجولات المكوكية لمسعود البارزاني والانسحاب الامريكي من العراق؟ وهل تعتقد بأن الوجود العسكري الامريكي قد شكل عنصرا" مهما" لضمان الأمن والاستقرار في العراق أم ان العكس هو الصحيح؟

 

سردار عبدلله: ان زيارة مسعود البارزاني لتركيا وايران لا تتزامن فقط مع انسحاب القوات الامريكية من العراق بل، جاءت مع توسع المعارك بين ( PKK ) والجيش التركي، ومع استمرار القصف الايراني التركي للمناطق الحدودية، أيضا". ولهذا فان زيارة مسعود البارزاني جاءت ليس بسبب الانسحاب الامريكي من العراق بل، لها علاقة بمستجدات الاوضاع في كردستان. وان ما له علاقة بالانسحاب الامريكي من العراق يتمثل بالمخطط  الايراني في العراق، أما بهذا الخصوص فانا اعتقد بان أيران هي ثاني اكبر قوة في العراق بعد امريكا. وبذلك فان امريكا ستخرج من العراق وايران ستبقى من خلال مليشيات المالكي والصدر والسيستاني وقوات ال( الباسداران). وان امريكا ترى بوضوح بان المخطط الايراني سيتوسع اكثر في الموازنات السياسية بعد انسحاب قواتها من العراق. في حين ان السهم الايراني موجه الى صدر القومويين العرب والكرد والقوى السنية، حيث ان ايران تسعى الى اضعاف هذه القوى لأنهم يشكلون اهم الموانع أمام سياساتهم الاسلاموية وامام اهدافهم وتوجهاتهم. وان زيارة مسعود البارزاني لايران جاءت ليطمئنهم بأنه لا يشكل اي مانع اوخطر بالنسبة للمخططات الايرانية، وكل تنازل من قبله فستكون مشروطة بعدم قيامهم باي شيء من شأنه ان يضعف سلطتهم القومية.

 

فيما يتعلق بالجزء الثاني من سؤالكم. فان وجود القوات الامريكية في العراق لم تكن فقط عنصرا" لحماية وحفظ الامن والاستقرار في العراق بل، انها قوة محتلة وقد شكل عنصرا" قويا" في عدم استقرار العراق. حيث ان الاغتيالات والتفجيرات والعمليات الانتحارية والحرب الطائفية والقومية لازالت مستمرة. ولذلك فان الوجود الامريكي قد أعطى مبررا" لقسم من القوى الموالية لايران والقاعدة وبقايا البعث ليقروا بوجود الاحتلال وينبغي ان يطرد من العراق وهذا ما أدى الى انعدام الامن والاستقرار في البلد. وفيما عدا ذلك فأن قوات المالكي وبقية المليشيات التابعة للسلطة المدعومين من امريكا يمارسون العنجهية المفرطة والتي اصبحت هي الاخرى عاملا" لازدياد تهيج وسخط أعدائهم.

 

نحو الاشتراكية: كما هو معروف كانت المناطق الحدودية المحاذية لايران وتركيا ولازالت معرضة للقصف والعمليات العسكريتين لهاتين الدولتين. فهل تعتقد ان زيارة مسعود البارزاني لهذه الدول هي من أجل ايجاد الحلول العملية لهذه المشكلة أم أن هذه الزيارات لها أبعاد سياسية اخرى؟ وهل تعتقد بأن العمليات العسكرية والانشطة السياسية ل(PKK وفرعها في ايران ) تشكل السبب الفعلي لهذه المشكلة؟

 

سردار عبدالله: باعتقادي ان زيارة مسعود البارزاني لكل من تركيا وايران هي لغرض التأكد على أنه لأي مدى سيتمكن هو وسلطته القومية من التعاون مع هاذين النظامين لازالة المخاطر على ايران وتركيا التي يسببها القوة المسلحة ل( PKK وبزاك). وعليه فان هذين النظامين يأملان بان يصبح البارزان عميلا" لهما من العيار 24 وان يعلن الحرب بوضوح ومباشرة" على ( PKK وبزاك) والدليل على ذلك هو ان اوردكان ومسعود البارزاني قد أكدا على ضرورة استخدام قوات البيشمركة للتحرش ضد ( PKK) الذي تقيم قواتها في جبل قنديل. وفي ايران ايضا" واثناء المؤتمر الصحفي المشترك مع ممثل الجمهورية الاسلامية فانهم لم يسمحو بوضع علم مسعود البارزاني ( علم كردستان) خلفه وقد تم وضع علم الجمهورية الاسلامية لكليهما هذه هي أدلة على ان كلا" من ايران وتركيا يسعيان الى استخدام مسعود البارزاني كعميل لهما. ولدفعه ليدخل الحرب مع ( PKK وبزاك). ولكنه ليس من مصلحة مسعود البارزاني ان يدخل الحرب حاليا" لان الاوضاع الحالية لا تشبه أوضاع العقدين المنصرمين عندما كان يحارب ( PKK). ولان الان جماهير كردستان اكثر وعيا" من تلك الفترة ولا يرضون بمثل هذه الحروب. ولأن سلطة البارزاني في السنة الماضية قد تعرضت لأعتراض وانتفاضة جماهير كردستان. ويعلم البارزاني بأنه سيتعرض لاحتجاجات جماهيرية واسعة اذا ما اعلن هذا الحرب ولهذا فقد ابلغ اوردكان بانه سيسلك طريقا" اخرا" لانهاء العمليات العسكرية ل( PKK) وهو انه سيسعى لدفعهم الى القاء السلاح ويسكنوا في كردستان العراق ويمارسوا فقط النضال السياسي. ويبدو واضحا" بانه لا( PKK) يقبل بذلك الحل ولا تركيا. وهذا يعني لا أن ال( PKK) سيرضى بالقاء السلاح ولا تركيا ترضى بان يمارس هذا الحزب كقوة سياسية لتمارس النشاط السياسي. أما بخصوص أهداف القصف الايراني التركي المستمر في المناطق الحدودية، فأنها أبعد من ان تكون لها علاقة فقط  بالوجود المسلح ل( PKK وبزاك). حيث أصبح الناس المدنيين في كردستان ضحايا لقصفهم، وهذا اعتداء على المواطنين الامنين، في حين كان مواقف حكومة الاقليم من ذلك القصف الوحشي موقفا" مشبوها"، حيث انه بقدر ما كان يهمهم ارضاء ايران وتركيا، لم تكن يهمهم أوضاع مواطني كردستان في تلك المناطق الحدودية، بنفس القدر. ان البارزاني في زيارته لتركيا وايران سوف لن يتمكن التخلي عن مواقفه المشبوهة فاذا ما نظرنا الى مواقفه مع اوردكان وحكام ايران سنرى بأنه قد طرح نفس المواقف المشبوهة. ولهذا فأن علاج هذه القضية بشكل جذري ليس موجودا" هنا.

 

نحو الاشتراكية: لقد كان شعار استقلال كردستان احدى أهم الشعارات السياسية بالنسبة لحزبكم حتى فترة تقلص الحرب الطائفية والعرقية في العراق. فهل ان ذلك الشعار السياسي مازال يحضى بنفس الاهمية السياسية بالنسبة لحزبكم؟ وهل أن شكل العلاقة الحالية بين المركز والاقليم ينسجم أكثر مع المصالح والحقوق الجماهيرية، أم شعار استقلال كردستان؟

 

سردار عبدالله: لحد الان لم يتخلى حزبنا عن هذا الشعار. ان شعار استقلال كردستان التي تم طرحه من قبلنا هو مختلف تماما" عن ما تنادي به بعض محافظات العراق حول تشكيل اقاليم مستقلة. وان ما دفعنا لرفع هذا الشعار ولنناضل من اجله هو من أجل ابعاد كردستان عن مخاطر الارهاب والحرب الطائفية والقومية. وكذلك ابعادها عن ذلك الفوضى السائد في العراق والتي لا باستطاعة امريكا ان تسيطر عليها ولا بغيرها من القوى. ومن جانب اخر اردنا بهذا الشعار سحب البساط من تحت أقثدام القومويين الكرد وذلك ليتوقف أحزاب تلك الحركة القومية الكردية مثل الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني عن المتاجرة بالقضية القومية. وباعتقادي ان هذين العاملين لازالا باقيين. وما زلنا نرى الحرب الطائفية والقومية في العراق وهذا يعني ان السيناريو الأسود لازال مستمرا" هذا من جهة، ومن الجهة الاخرى ان الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني منهمكان بالمتاجرة بالقضية القومية برفقة البلدان الرجعية في المنطقة، وبعقد الصفقات فيما بينهم بغية تحقيق الثراء الفاحش وترك جماهير كردستان في لجة الفقر والحرمان.

وكذلك اذا كانت كردستان دولة مستقلة فان البلدان الرجعية في المطقة لا يستطيعون بسهولة مهاجمة كردستان كما يفعلون الان وجعل الناس المدنيين ضحايا لهذه الهجمات أو قصف المناطق الحدودية. وهذه هي العوامل الرأيسية لاستقلال كردستان وتشكيل دولتها المستقلة. وان ما له علاقة باعلان الأقاليم المستقلة من قبل بعض المحافظات هو أمر مختلف تماما" عن هدف استقلال كردستان. هؤلاء يسعون لاقامة اقاليم مستقلة لتوسيع وتأجيج الطائفية والمذهبية والرجعية القومية و..إلخ. وفي نفس الوقت فان مواطني هذه المناطق لا يعانون من أي شكل من أشكال الظلم القومي والمذهبي وليس لهم أية مصلحة بالاستقلال بل، على العكس فمن مصلحتهم الوحدة مع المناطق الاخرى من الناحية الأمنية والسياسية والوضع الاقتصادي أسوة" بباقي أجزاء العراق، وان ما يحدث الان في تلك المناطق هي عشعشة لمصالح بعض الزمر والمجاميع الرجعية الذين يسعون الى حيازة أسهم أكثر في الميدان الاقتصادي وسرقة المال العام والنهب، هؤلاء يريدون انفصال المحافظات. ولذلك فان السبيل الوحيد امام جماهير هذه المناطق والتي من شأنه أن يحقق لهم مطالبهم وحقوقهم هو اسقاط  السلطة الحالية في العراق وتشكيل سلطة مدنية لتحقق المساوة للجميع.