بيان منظمة الدفاع عن العلمانية والحقوق المدنية في العراق

المرأة في العراق مطوقة بين بربرية قوانين الشريعة والعشيرة

 

كأنه لا يكفي النساء في العراق الوقوع تحت بربرية قوانين الشريعة الاسلامية التي سلطتها القوى الاسلامية على المجتمع بالارهاب   وبدعم اموال الجمهورية الاسلامية في ايران والسعودية والباكستان وسوريا والاردن وغيرها حتى يجدن انفسهم تحت حكم وتسلط قوانين اخرى، لا تقل بربرية، مليئة بالعنصرية الجنسية ضدهن، اي قوانين العشائرية البغيضة. فلا تكاد تنتهي  اوامر ونواهي ملالي الدين وشيوخ الجوامع والتكيات ورؤساء العصابات الاسلامية وفتاويهم التي تحض على قتل النساء ومعاملتهن بقسوة ووحشية على اساس انهن "ناقصات عقل ودين" وفرض الحجاب عليهن، حتى تقع المرأة فريسة رؤساء العشائر ومن يقوي النظام العشائري في العراق بقوانينها العنصرية المهترئة.

 

تعمل هاتان القوتان بتنسيق وتناغم من اجل فرض اقسى الظروف على حياة المرأة وسلبها كلية لكل مساواة او حرية ومعاملتها كالرقيق وادامة اوضاعها اللا انسانية والمزرية.

 

واليوم تزداد حالات اظطهاد المرأة وتتوارد الاخبار من جنوب العراق ووسطه عن تعمق، ليس فقط الحجاب الاجباري والزي الاسلامي، وجرائم قتل "الشرف" على يد القوى الاسلامية - العشائرية، فحسب، بل تزداد القوانين العشائرية التي هي اساسا وفي الاصل  ضد المرأة؛  كالنهوة والفصل والجدمية والتلوية والدية والفرشة، وغيرها محيلة حياة النساء،  الى جحيم اخر.

 

تلك القوانين التمييزية تدعمها في الواقع القوى السياسية الميليشياتية الاسلامية والقومية الحاكمة في العراق والتي.نصبتها امريكا في السلطة. ان قوانين النهوة —  اي نهي ابن العم لزواج ابنة عمه من خارج العشيرة والذي يسمح له بمنعها كليا من الارتباط باي شخص حتى وان بلغت سنا كبيرة او لم يتقدم هو لزواجها، بل وان يتحكم كليا في حياتها ومصيرها منذ الطفولة، يعد من اكثر القوانين الرجعية انتشارا اليوم في جنوب العراق. يستمد ذلك القانون الرجولي التمييزي والعنصري اصوله من العلاقات البطرياركية العشائرية — الاسلامية.

 

تلك القوانين الرجعية تطبق اليوم في العراق لا لانها تشكل جزءا من تاريخ المنطقة كما يدعي البعض، او لان الجماهير الجنوبية في العراق هي جماهير متخلفة ، بل لان القوى الاسلامية والقومية والعشائرية المسلطة على الجماهير هي التي فرضت تلك القوانين المحقرة للنساء والمحطمة لفرصهن في اي حياة سعيدة. ان قانون النهوة او ( الكصة بكصة ) وغيرها كثير ليست نابعة من عشائرية مجتمع العراق، ولا من الانبعاث  ”القدري“ للقوانين العشائرية فجأة كما تحاول الابواق الاعلامية   المأجورة للسلطة الميليشياتية ان تدعي لتدافع عن هذا الدفق من الجور وانعدام المساواة والرجعية في المجتمع. ان مصدر هذه القوانين هي السلطة الرجعية نفسها، التي جلبتها امريكا من جحور الدين والعشائرية وقوتها ومنحتها الاموال والمناصب والنفوذ والجاه وبالتالي جعلتهم مطلقي الايادي في العبث بحريات ومساواة وكرامة النساء وليحلوا قوانينهم العشائرية محل قوانين المواطنة المتساوية التي تسود في الدول الحديثة.

 

ان ادعاءات الابواق الرجعية بان قوانين النهوة وغسل العار وتبادل الفتيات بين العشائر بل وحتى دفع الاموال لشراء النساء ( المهر) هي ”ليست من الدين بشئ“ هو ادعاء سخيف يبغي الدفاع اساسا عن القوى الاسلامية في السلطة واعتباره بشكل باطل نقيضا للعشائرية. ولكن الحقيقة ان كلاهما يشكلان دعامتين لنظام واحد رجولي مبني على تحقير المرأة وفرض الدونية عليها.

 

ان القوى الاسلامية صاحبة مصلحة اولى في تقوية اي قانون رجعي ينتهك انسانية المرأة ويضعها في مرتبة دونية في المجتمع لان ذلك يصب بالنتيجة في خدمة ”الاسلام السياسي“ والحركات الاسلامية القائمة على استعباد النساء وادامة احتقارهن اجتماعيا بحجة الشرف والعفة وغيرها في الوقت الذي يبدو فيه ان القوميين ( العرب والكرد وغيرهم) لا يستندون الى الشريعة كما يفعل الاسلاميون فانهم يعززون من تحقير المرأة باستخدام قوانين العشائر كما كان سائدا في حكم صدام حسين وحزب البعث والاحزاب القومية الكردية وكما حاصل اليوم في كل انحاء العراق. كل تلك القوى السياسية الرجعية تستخدم ما في جعبتها من شرائع وقوانين بربرية لادامة دونية المرأة. ومن هنا فان تلك القوى تعارض وبشدة مبدأ فصل الدين عن الدولة واعتماد مبدأ المواطنة المتساوية في قوانين الدولة. ان القوى الاسلامية والقومية تريد تريد دحر تقدم العلمانية لادراكها بان العلمانية ستمنح الفرصة لتقوية الحركة المساواتية وامكانية تجسيدها في القوانين لتضع المرأة في مكانة مساوية تماما للرجل.

 

ان الحكومة الاسلامية والقومية مع"برلمانها" المتخلف مسؤولة وطرف اساسي داعم للتمييز ضد المرأة سواء في جنوب العراق او وسطه ( تقوم حكومة المالكي بتقوية النفوذ العشائري وترشو رؤساء العشائر بالاموال من اجل كسب ولائها) او في مناطق كردستان حيث "يسهر" القوميون الكرد على تطبيق قوانين "غسل العار" وينظمون قوائم قتل النساء بايديهم.  ادعاءاتهم الكاذبة حول دفاعهم عن ”المواطنة“ محض اكاذيب تفضحها حالات الانتحار الواسعة بين النساء هربا من جحيم المجتمع الرجولي واظطهاد المرأة والتقارير العالمية حول اظطهاد المرأة على يد قوى الاسلام السياسي البربرية في العراق.

 

ان منظمة الدفاع عن العلمانية والحقوق المدنية في العراق  تدعو الجماهير الواسعة المتمدنة الى الدفاع الى العلمانية ومبدأها الاساسي فصل الدين عن الدولة وعن انظمة التربية والتعليم والغاء كل المقررات المستنبطة من الدين والعشائرية

 

العشائرية وقوانينها والاسلام السياسي وشريعته تمتلك اليوم منابع مشتركة تحط من قدر النساء ومكانة المرأة ومساواتها وهي ادوات للقمع والارهاب الاجتماعي وترسيخ الرجعية. لا يمكن الادعاء ان احدهما براء من الثاني فكلاهما يعملان معا وبتنسيق كامل من اجل تدهور مكانة المرأة وابقاءها كالعبد الذليل الذي ينتظر الحكم ضده اما بالقتل او الاهانة او الضرب او العنف او الزواج القسري او فرض الشروط القاسية على حياتها. لنتصدى الى القوى الرجعية من اسلامية وعشائرية معا وندحرها من اجل مساواة وحرية وكرامة كل المجتمع .

 

منظمة الدفاع عن العلمانية والحقوق المدنية في العراق

10-11-2009