لقاء نحو الاشتراكية مع سكرتير اللجنة المركزية

حول اعمال المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي العمالي اليســـاري العراقي

 

 

نحو الاشتراكية: عقد المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي في ظل اوضاع العراق الراهنة التي لا تزال كارثية رغم ادعاءات ساسة البرجوازية عكس ذلك. كيف تقيمون نتائج المؤتمر الثاني وماهو الاختلاف الرئيسي، برأيكم بين المؤتمر الاول ، وبين المؤتمر الثاني على وضع الحزب وايضا اوضاع المجتمع؟

 

عصام شكــري: برأيي لا يمكن النظر الى المؤتمر الثاني للحزب على انه مؤتمر لحزب سياسي اخر في العراق. حزب من بين عشرات الاحزاب البرجوازية التي تلوك الكلام حول العراق الجديد والعراق الديمقراطي والعراق الفدرالي والخلاص من الدكتاتورية وحكم القانون وغيرها من الترهات السخيفة عديمة المعنى، تلك الاحزاب التي تلوذ بالصمت كليا حول ما يجري في المجتمع من تدمير لركائز مدنيته، ولاسلمته بالارهاب، ولسيطرة الملالي والقوميين والرجعيين، ولمترسة الناس ضد بعضها البعض واغراقهم بالنفايات الاسلامية والقومية، وبدونية المرأة، وبتدهور اوضاع الناس، وبانتهاك جقوق المرأة والاطفال والشباب وجميع الحقوق المدنية والفردية للمواطنين. بهذا المعنى، فان التقييم بنجاح المؤتمر، ممكن، ولكنه لن يعطي برأيي الصورة الحقيقة لموقعية المؤتمر، بل اخرى مجتزأة؛ كان نقول ”نجح المؤتمر“ ويفهم انه نجح تنظيميا وانتهى الامر. ان الامر متعلق بحزب اشتراكي راديكالي عقد ثاني مؤتمر له بغضون 4 سنوات من تأسيسه. حزب سار وتقدم بظل اوضاع العراق الحالية، ليس باوضاع سوريا او لبنان او حتى فلسطين، اوضاع العراق الدموية والكارثية !. حزب يدعي بانه ينوي اقامة الجمهورية الاشتراكية ويناضل من اجل الاستيلاء على السلطة السياسية وانتزاعها من البرجوازية والقضاء على نظامها الرأسمالي ؟ لم يكتبها فقط ويمضي. بل روج لها منذ اول لحظة تأسيسه ولحد اليوم ، في ممارساته اليومية ، كما في برنامجه ، قراراته ، ادبياته ، وكل مسعى من مساعيه، حزب ينادي بالانسانية والرفاه والتمدن لكل البشر؛ حزب بصوت نقي، رغم حداثة عهده، يعبر عن خلجات الاحرار والشرفاء ومحبي الانسانية ليس في العراق فحسب بل والعالم، ايضا. بمنظار كهذا لموقعية حزبنا داخل قلب الطبقة العاملة وداخل المجتمع، وفي هذه الظروف القاتمة، وفي ظل تحول العراق الى بؤرة لاكبر حرب ارهابية بين قطبي النظام العالمي الجديد، يمكن تقييم مؤتمرنا الثاني. المؤتمر الثاني قال للناس ان حزب الشيوعية العمالية حاضر وموجود، هذا شئ مختلف. لن يعود التاريخ يسير كما كان. شئ ما سيتغير. الناس تحس بذلك ولكن حزبنا يراه. من الصعب علي مجرد القول ”المؤتمر كان ناجحا ” لان نجاحه كاجتماع ليس هو الموضوع بنظري رغم اهمية ذلك بالطبع. ان فتح كوة مشرقة في افق وسماء الجماهير المحرومة والطبقة العاملة والملايين من النساء والشباب والتواقين للحرية والمساواة هو اقرب ما استطيع من كلمات للتعبير. كوة الامل يتطلع لها الملايين من البشر.  صعب ان يقال عن شئ كهذا انه ”نجاح“.

 

فيما يتعلق بالاوضاع في العراق، فان مؤتمرنا الثاني، كما سياسة حزبنا دوما، اشار وبكل وضوح الى الوضع القائم اليوم، لجهة وضع المجتمع والجماهير الغفيرة وماتعانيه، ولجهة وضع الطبقة البرجوازية وقواها السياسية في السلطة وخارجها وماتخطط له. كوننا حزبا شيوعيا عماليا، حزبا ماديا اجتماعيا، فان تشخيصنا للاوضاع مسألة في غاية الاهمية، في ذلك ”نجح“ مؤتمرنا ووضع الاجابة عليها للعمل على تغييرها وقلبها لصالح الجماهير. وعموما، وبالنسبة للحزب كمنظمة شيوعية، فقد جسد  المؤتمر الثاني، برأيي، نضوجا اعلى، ومصداقية اكبر. زاد عدد  كوادره واعضاءه ، كبرت قيادته، تصاعدت همتها، وتطورت امكانياتها، حزبنا يثير فضولا اكبر من ذي قبل.

 

نحو الاشتراكية: تم اتخاذ عدد من القرارات والمصوبات داخل المؤتمر، كما تم اجراء البحوث السياسية والمناقشات حول اوضاع العراق السياسية واوضاع الجماهير وافاق عمل الحزب في المجتمع. هل لكم ان تعطونا فكرة على تصوراتكم على تلك المقررات والمصوبات والابحاث وكيف يمكن ان تشكل جوابا لحزبنا في الاوضاع المشخصة الراهنة ؟

 

عصام شكــري: بحث المؤتمر 3 قرارات وناقش بحثا سياسيا واحدا واثناء ذلك تم التطرق الى رؤية الحزب الى العشرات من المواضيع السياسية والاجتماعية التي تهم جماهير العراق. فقد ادرجت على جدول اعمال المؤتمر مشاريع قرارات ”حول الاوضاع السياسية في العراق ودور الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي“ و ”دعم منظمة العلمانية والحقوق المدنية في العراق“ و ”الاوضاع السياسية ومطلب استقلال كردستان“. كما ناقش المؤتمر بحث بعنوان ”الحزب والتحزب“. تلك القرارات كما بينت مثلت جانبين: الجانب الاول، تقديم تحليل سياسي عن الوضع الراهن في المجتمع اليوم ، وبعد مرور 5 سنوات على الاحتلال والحرب الامريكية في العراق ، اما الجانب الثاني فهو جواب الحزب اي الاشتراكية على تلك الاوضاع. ففي القرار الاول تم التعرض بشكل واسع وشامل للوقائع والاحداث والاوضاع السياسية الحالية في العراق، اثار الدمار التي خلقتها الحرب الامريكية ونتائج الصراع بين قطبي الارهاب العالميين ، امريكا من جانب، والاسلام السياسي من جانب اخر، تراجع وافول النظام العالمي الجديد لامريكا بعد فشلها في خلق نموذج في العراق يمكنها ”استنساخه“ وتعميمه في بقية انحاء العالم، الرفض الكبير لسياسات اليمين المتطرف في امريكا، تراجع حركة الاسلام السياسي، وبدء العد العكسي لها نتيجة تراجع خصمها ودخولها في دوامة البحث عن مبررات لوجودها السياسي داخل المجتمع بعيدا عن هستيريا ( لا لا امريكا )، تصاعد الحركة العمالية على صعيد عالمي وفي العراق ايضا من خلال اضرابات واعتصامات واحتجاجات عمال نفط الجنوب والشمال والعديد من الاحتجاجات الجماهيرية الاعتراضية على الاوضاع المأساوية سواء في كردستان او مناطق الجنوب وعموم العراق. وتم التركيز على وظائف الحزب من اجل انهاء تلك الاوضاع الكارثية المستمرة، وقد اعدنا التركيز على ضرورة خروج القوات الامريكية المحتلة ونزع سلاح الميليشيات الاسلامية والقومية باعتباره الحل الاستراتيجي لمسألة السيناريو الاسود وارجاع مجتمع العراق كمجتمع ينعم بالطمأنيية والطبيعية normal على عكس ادعاءات البرجوازيين من قدرتهم على اصلاحها وتغييرها والذي لا يكون عادة الا تمهيد (او فترة لجر الانفاس) لكارثة جديدة تجر البرجوازية وقواها الجماهير لها في كل مرة. كما تم بحث دور العلمانية في المجتمع ووجود تيار علماني قوي وحي في العراق واحد دلائله هو منظمة الدفاع عن العلمانية والحقوق المدنية. وقد اقر المؤتمر دعم هذه المنظمة. ومن جهة اخرى تم بحث موضوع الحزب والتحزب، كما انيط مشروع قرار كردستان للبلنوم الذي حوله للمكتب السياسي لاقرار بصيغته النهائية. كما تم التأكيد على هدف حزبنا في خلع السلطة السياسية للبرجوازية وتأسيس الاشتراكية في العراق.

 

نحو الاشتراكية: لقد زاد المؤتمر عدد اعضاء اللجنة المركزية الى  19  وايضا عدد اعضاء المكتب السياسي الى 9. ما اهمية زيادة عدد اعضاء قيادة الحزب ومالذي تعكسه تلك الاعداد؟ ووفق نفس النسق، ماهي امكانيات زيادة نفوذ وتأثير الحزب في المرحلة القادمة تماشيا مع زيادة عدد اعضاء قيادته وتنظيماته ؟

 

عصام شكــري: ان الزيادة العددية لقيادة الحزب تعكس حالة موضوعية وهي زيادة عدد اعضاء الحزب وبروز كوادر داخل تنظيماته. تلك الكوادر هي التي تقدمت الى الامام وعبرت عن استعدادها للعمل الشيوعي والاشتراكي. لقد قرر المؤتمر زيادة اعضاء اللجنة المركزية لعكس وضعية الحزب على الارض وبروز كوادر للحزب في كل التنظيمات. وبطبيعة الحال فان المكتب السياسي قد زاد عدده الى 9 بعد ان كان 7 في السابق.

ومن الناحية السياسية فان زيادة عدد اعضاء اللجنة المركزية، يقوي الحزب لانه يعني ان عدد الكوادر الذين يمثلون الحزب ويتحملون مسؤولياتهم ويقومون يتنقيذ مهامهم سيزداد عن ذي قبل. وكذا الحال بالنسبة للمكتب السياسي الذي يمثل القيادة السياسية للحزب. وفي كل الاحوال فان حزبنا يطمح بان يزداد نوعا وكما وان يستطيع تقديم اكبر عدد من كوادر الشيوعية العمالية المقتدرة والقوية والمبدأية والنشطة، داخل صفوف الطبقة العاملة وعموم الجماهير. فامام حركتنا مهام كبيرة في مجتمع مظطرم ومتلاطم.

 

نحو الاشتراكية: كيف برأيكم يمكن تقوية حركة الشيوعية العمالية في العراق لكي تشكل بديلا واقعيا للجماهير وبامكانها التدخل السياسي والاجتماعي لانهاء الاوضاع الراهنة وايجاد بديل انساني لكل المجتمع؟ كيف بامكان المؤتمر ان يشكل انعطافا في عملنا وتقويته؟

عصام شكـــري: برأيي ان بناء حزب سياسي شيوعي عمالي، بالمعنى الدقيق للكلمة،ـ هو المهمة الاولى الملقاة على عاتقنا اليوم. ولكن العملية برأيي ليست ميكانيكية او الية. ليست المسألة متعلقة بوجود مجاميع من الناس يجب ان نعطيهم استمارات عضوية ونضع الاستمارات في الادراج. علينا ان نتحدث مع الناس، ان نروج لافكارنا على اوسع نطاق، ان ننشط بين العمال والطلبة والنساء والشباب وكل شرائح المجتمع. علينا ان نقوم بالتصدي لمسالة غياب المدنية والعلمانية وفصل الدين عن الدولة ولمسألة مساواة المرأة بالرجل ، وللدفاع عن الاطفال، ولنقد حركة الاسلام السياسي الرجعية نقدا لا هوادة فيه. علينا ان نقود حركة اخراج القوات الامريكية ونزع سلاح الميليشات الاسلامية والقومية الرجعية على صعيد عالمي ومحلي ايضا. ان هكذا سياسة راديكالية  فقط ، برأيي، بامكانها ان تبني الحزب بشرط ان يكون لدينا انظباط شيوعي ورفاقية عمالية وانسجام وتحزبية عالية (كما تم بحثه في المؤتمر). يجب ان نعتبر ان الحزب شئ مهم جدا. يجب ان نفخر بحزب الاشتراكية لانه حزب الانسانية والتمدن. لقد قلنا في المؤتمر ونقولها لكل الناس ان الحزب هو اداة التغيير في المجتمع . لا يمكن احداث التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي دون وجود حزب سياسي قوي وفاعل ومتدخل وجرئ وانساني وحديث ومدني. علينا مهمة ان نبني حزبا شيوعيا صلبا وراديكاليا وجريئا ووفق روح تفتخر بحزبيتها وبانها تنتمي الى حزب يناضل من اجل الاشتراكية. ان حب الاشتراكية لا يكفي، علينا بناء حزب الاشتراكية. ان بناء الحزب يجري بتزامن مع النشاط الاجتماعي وابراز الكوادر والشخصيات والتصدي لمشاكل المجتمع والنشاطات الاجتماعية الواسعة ستحول الحزب الى لاعب اساسي في ميدان السياسة، سيحول الطبقة العاملة الى لاعب اساسي في تقرير مصائرهم وحياتهم وسعادتهم في العراق. ان تحول الحزب الى لاعب اساسي سيقلب كل المعادلات، لا في العراق حسب بل وعلى صعيد المنطقة.

 

نحو الاشتراكية: نشكرك على الاجابة