مقابلة ”نحو الاشتراكية“ مع سركول أحمد حول الحملة العالمية المناهضة لقانون الأحوال الشخصية في كردستــــان العراق

  

نحو الاشتراكية: لماذا قمتم بهذه الحملة ضد قانون الأحوال الشخصية في كردستان العراق؟و ما هي مبرراتكم  للمطالبة  بإلغائها؟

 

سركول احمد: في البداية أشكركم على تنظيمكم هذا  اللقاء معي . إن من أسباب قيامنا بحملات مثل " الحملة العالمية لإلغاء قانون الأحوال الشخصية في كردستان العراق" هي أنها خطوة في التحرك باتجاه مسيرة طويلة ليقظة النساء المحتجات و الرجال المساواتيين ونهضتهن، وتوحيد كل الأصوات الرافضة والمحتجة على الأوضاع الظالمة بحق المرأة ،  و في مستوى واسع و مؤثر في كردستان و العراق والعالم ، والوقوف بوجه هذا القانون الرجعي والمتخلف " قانون الأحوال الشخصية المعدل في كردستان"  والذي يتضمن فقرة خاصة بتعدد الزوجات ، والذي صوت عليه وصدقه  البرلمان الكردستاني.

 

فهذا القانون يرسخ بكل صراحة دونية المرأة والأوضاع التي تسحقها و تقمعها في المجتمع الكردستاني. إنه قانون معادي للمرأة من ألفه إلى يائه، يستند إلى القيم العشائرية البطرياركية والثقافية البالية. إنه قانون يعطى الرجل حق الزواج من أكثر من امرأة، و يجعله القيّم ، وسيد البيت الأوحد، و يجعل من المرأة عبدا حبيس بيت الزوجية أو بيت أهلها من الرجال. هذا القانون مستمد من الشريعة الإسلامية التي تعتبر المرأة ناقص عقل، وتجعلها نصف رجل شاهد، أي وفقا لهذه الشريعة يقتضي وجود شاهدتين من النساء أمام شاهد واحد من الرجال في المحاكم. وثمة عوامل أخرى دعت للقيام بهذه الحملة ضدها،  مثل بيع وشراء المرأة كأية سلعة، والمهر وتحديد مبالغ مالية لمقدمة ومؤخر الزواج، وقتل الشرف الذي أودى بحياة آلاف النساء خلال فترة 18 عاما من قيام سلطات الأحزاب القومية الدينية الطائفية. ولا تزال وتيرة  القتل و الانتحار بين النساء في تصاعد مستمر. لهذا كله أصبح الشروع بالقيام بحملة عالمية و العمل لها بجدية واجبا ملحا وتاريخيا لنا في سبيل إلغاء هذا القانون الرجعي.  

 

نحو الاشتراكية: يقال إن التصويت في البرلمان على قانون تعدد الزوجات جرى بطريقة ديمقراطية، و بدون آراء معارضة ؟

 

سركول احمد: ما يتعلق بالديمقراطية أؤكد أنه ليس للحريات والديمقراطية وجود في كردستان والعراق. وأما بخصوص برلمانهم الكارتوني ، فالديمقراطية التي يتبجحون بها إنما هي بغرض تحقيق مآربهم الدنيئة والرجعية، و تلبية مطالب وأوامر حكومات المنطقة. وإن الكلام عن انعدام وجود الاحتجاج والاعتراض على هذا القانون لا أساس له من الصحة... وقد تعالت أصوات الاحتجاج حتى  في برلمانهم المزعوم ، إذ كانت ثمة 39 صوتا مع قانون تعدد الزوجات  ، بينما كانت الأصوات المعارضة   له عددها 35. 

لقد أخذت  أصوات الاحتجاج تتعالى منذ عام 1991 من قبل نساء و رجال مساواتيين يساريين وشيوعيين في وقت كان حزبا الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني يقومان بجرد أسماء النساء  المطلوبات بتهم ألصقت بهن زورا و يرتكبون عمليات القتل الجماعية بحقهن. كان الحزبان هما المبادران بعمليات قتل النساء. ففي ظل ديمقراطيتهم تعرضت النساء لانتهاك حريتهن وحرماتهن من حقوقهن، وتعرضن للرجم والاهانة الفظيعة، واضطررن كثيرات منهن وما زلن  لبيع الجسد... و استمرت الاعتداءات وانتهاك حقوقهن وقتلهن  ما  تولد عنه هذا القانون رسميا... فهؤلاء كونهم يحملون عقائد قبلية وإسلامية و يستمدون شرعية قراراتهم من أحكام القرآن ومن التقاليد العشائرية البالية، لا يمكنهم أن يمثلوا أغلب الشرائح المدنية والتقدمية من المجتمع، التي تطالب بمساواة تامة للمرأة مع الرجل. لا يمكنهم الادعاء بالديمقراطية والحرية و حقوق الإنسان و التبجح بها، وهذا  ما عبر عنه رئيس حكومة إقليم كردستان بقوله:  " إن 70% من الشعب يطالبون بالمساواة بين المرأة والرجل، لكن الحكومة لا تستطيع تجاوز الشريعة الإسلامية". وهذا كان نتيجة الاحتجاج على قانون الأحوال المدنية و قانون تعدد الزوجات.

 

نحو الاشتراكية: والآن تقومون بهذه الحملة ضد هذا القانون، وتطالبون بإلغائه. ما هي مستلزمات عملكم؟ وما هي الوسائل التي تلجئون إليها لترجمة الحملة على أرض الواقع وتحقيق أهدافها؟ وهل سوف تطالبون البرلمان أن يتراجع عن القانون بسحب مصادقته عليه، أم ماذا؟

 

سركول احمد: نعم، نحن نطالب بإلغاء قانون الأحوال الشخصية، ولنا تراث غني وتاريخي من النضال في سبيل تحقيق حقوق المرأة وحرياتها، وقد خضنا صراعا مريرا مع الأحزاب القومية الكردية، والإسلام السياسي. ومثلما أشرت ُ أعلاه، إننا سوف نستثمر الدعم الكبير من الجماهير الواعية ، لتحقيق أهدافنا، ونقوم بتعبئة كل الأصوات الشريفة المعارضة المتصاعدة، وتنظيمها لصالح حملتنا الهادفة لقبر القانون المجحف بحق النساء، وتأسيس منظمة ذات توجهات تقدمية ورسالة تحررية، كبديل إنساني يناضل في سبيل إقرار قانون مساواة المرأة بالرجل في المجتمع الكردستاني، وذلك بمساهمتنا الفعالة في معترك العمل والكفاح في مواجهة السلطات الحاكمة ، وأن نناضل في ضوء خططنا وبرامجنا التي نقوم برسمها وفق فكرنا التقدمي التحرري، وكذلك بتوظيف أي صوت احتجاجي أينما كان وضمه إلى جموع الأصوات التي تتشكل منها حملتنا .

ونؤكد هنا بأن أولئك الذين كانوا يعلقون على السلطات الحاكمة الآمال العظام في مجتمع أفضل مما كان في عهد النظام البعثي السابق، عليهم اليوم أن يتيقنوا أن هذه السلطات لم ولن تجلب سوى المآسي و المصائب للجماهير. ومثلما اليوم تشهد جماهير كردستان أن المسؤولين والحكام بعيدون أبعد ما يمكن عن هموم المواطن و إنهم بسياساتهم المعادية لحقوق الكادحين ، وممارساتهم المافياوية ، قطعوا كل صلة لهم بالناس . وإن البرلمان كما يعرف  المرء لا دور له في أية قضية مصيرية تخص جماهير كردستان، وأن كل القضايا والمشاكل ظلت معلقة بدون حلول ، أو تم حلها بما لا يخدم المواطن، بل ضد مصالحه. فهذا البرلمان العشائري لا يمكن التعويل عليه لأنه بكل بساطة لا يمثل المواطنين.

 

ومن الجلي ّ والواضح  للجميع أن أعضاء البرلمان مندوبون عن أحزابهم القومية والدينية  التي ينتمون إليها ، ولا يحق لهم مخالفة سياسة أحزابهم و قادتها، و عليهم أن ينفذوا توجيهاتهم حتى لو كانت تتعارض مع قناعاتهم الشخصية. وقد سرّت لي إحدى البرلمانيات مرة بقول لخص كل ما يفكر به البرلماني: "أقبل بتعدد الزوجات في المجتمع، لكنني أرفض أن يتزوج علي ّ زوجي بامرأة أخرى"  إنها  تقصد أنها لا تقبل ”بالضرة" فلا رجاء لنا إذن، نحن الناس المحتجين، من هكذا برلمان، إذ أنه يعمل وفق ما تملي عليه مصالح الحكام والمسؤولين ورؤساء العشائر، فنحن النساء التحرريات، والرجال التحرريين، ليس علينا إلا النزول إلى ميدان المعركة، لنكشف للرأي العام العالمي مغزى هذا القانون لكي يتم فضحه وإدانته، وإلغاؤه.

 

نحو الاشتراكية: يرفض المجتمع الكردستاني هذا القانون ، ويرفض أيضا الشريعة الإسلامية ، لأنها تشرع للمرأة درجة دونية في المجتمع، و تقنن استعبادها للرجل في كل النواحي ويجعله قيما عليها. وكثيرات من النساء، وخاصة من الفتيات، يلجأن إلى الانتحار للتخلص من هذا الجحيم المهيأ لهن. فكيف تفسرين هذه الظاهرة؟

 

سركول احمد: مثلما ذكرتم في سؤالكم أن هذا القانون  المعمول به اليوم في كردستان، قائم على أساس الشريعة الإسلامية. و إن هذا القانون يعتبر الغطاء الشرعي والفقهي للعنف والظلم والإجحاف الممارَس بحق المرأة في المجتمع الكردستاني.. فهذا المجتمع مفضوح عالميا كمذبح وكمقتل  النساء، حيث يداس على كرامتهن و تنتهك حقوقهن المدنية والشخصية والإنسانية يوميا من قبل الرجال ذوي العقلية الرجولية الباطرياركية، وتهان المرأة وتنتهك كرامتها لأحقر سبب من قبل الأب والأخ والزوج، وتتعرض إلى شتى أنواع العنف من ضرب وكي وغيرهما، كما يجري حبسها في البيت رهينة لشرف الرجال. كما يتم رجم أية امرأة من قبل رجال معبئين بالفكر الرجعي المتخلف  بسبب إقامتها علاقة حب أو معاشرة رجل ما. ويتعرضن إلى هجمات رجولية  وحشية تشبه هجمات الحيوانات المفترسة على حيوانات أضعف. كما يتم تعذيبهن حتى الموت. ففي هذا الجحيم الحامي الوطيس ، وانعدام قوانين مدنية تحميهن وتدافع عنهن ، تصاب أغلبهن بالاكتئاب واليأس من الحياة والسوداوية ، لا يرين أية وسيلة ، وقد انقطعت يهن كل السبل ، سوى الانتحار ، وغالبا بإحراق أنفسهن...

 

 نحو الاشتراكية: كيف تستطيع النساء الانضمام إليكن لتحقيق " المساواة التامة بين المرأة والرجل" في الحملة العالمية لإلغاء قانون الأحوال الشخصية؟

 

سركول احمد: يمكن للنساء بأية وسيلة الانضمام إلى هذه الحركة. وإن تنظيم هذه الحملة يعتبر الخطوة الأولى لنا للوقوف ضد قانون الأحوال الشخصية في كردستان العراق، والذي صدق عليه البرلمان الكردستاني و حكومة إقليم كردستان، ودخل مرحلة  التنفيذ.

 

مرة أخرى يريدون وضع القيود في أيدي وأطراف النساء في كردستان ويكبلوهن بشكل رسمي وشرعي. ومن هنا أتوجه إلى كل النساء المعارضات والرجال المساواتيين والبنات اللائي  يطلق عليهن الحكام والبرلمان عبارات مستهجنة مثل" اليائسات والناضجات أكثر  ، والعوانس  الخ" ، وكل الفتيات من ضحايا  هجمات الأنفال و الغازات الكيماوية، أن لا يقبلن امتهان كرامتهن و أن يضيفن تواقيعهن إلى الحملة العالمية ، وأن ينزلن إلى الميدان ويلتحقن بحركة مساواة المرأة. لهذا فأن حقوق المرأة لن تحققها الأحزاب القومية، ولا الدينية، بل إن نضالهن جنبا إلى جنب كل التحرريين في سبيل إقامة حكومة علمانية غير قومية وغير دينية تضمن حقوق المرأة و جميع الحقوق المدنية والإنسانية رسميا وقانونا  هو الكفيل بتحررهن من الدونية المفروضة عليهن ، ومن العبودية .

 

يمكن الاتصال بالهيئة المنسقة للحملة عبر الروابط أدناه:

 

التلفون : 0016472153210

  http://www.ahewar.org/camp/i.asp?id=141

 

(/www.socialismnow.org)