لقاء جريدة نحو الاشتراكية وتلفزيون سيكولار مع الرفيق عبد الزهرة موسى -  ابو علي *،

 

حول الاوضاع المعيشية والسياسية في العراق

 

اجرت جريدة نحو الاشتراكية وتلفزيون سيكولار لقاءا مع الرفيق عبد الزهرة موسى—ابو علي عضو اللجنة المركزية وسكرتير لجنة بغداد للحزب حول الاوضاع المعيشية والسياسية في العراق فيما يلي نصه:

 

نحو الاشتراكية: مرت بغداد ومدن الجنوب بحالة مأساوية في الايام الماضية نتيجة اشتداد الصراع الدموي بين الميليشيات الاسلامية وما يسمى بقوات الحكومة. هل لك ان تبين الاثار الانسانية الكارثية لهذا الصراع على حياة الجماهير في مدينة بغداد من ناحية الوضع الامني والدمار المادي والمعنوي واعمال القتل والقصف وانعدام الامان؟

 

الرفيق ابو علي: الاثار السلبية المدمرة تشمل جميع المواطنين بشكل عام. من جانب الخدمات ومن جانب عدم توفر المحروقات، والبطالة بدأت تعم كل المواطنين وخاصة اؤلئك الذين يعملون بالاجر اليومي وعموم العمال والكسبة والفقراء بشكل عام عدا موظفي الدولة. هنالك سطوة للميليشيات في محافظات الجنوب وايضا في بغداد وهناك اقتتال بين الحكومة المؤيدة لامريكا والميليشيات الاسلامية المعارضة لها والتي صنعت اساسا من قبل الحكومة السابقة كحكومة الجعفري وما قبل الجعفري.

الوضع باختصار مأساوي بالنسبة للجماهير؛ هناك هجرة جماعية خاصة من مدينة الثورة حيث القصف والقتال مستمرين والصواريخ تتساقط على مساكن الناس وهنالك عوائل باكملها قتلت نتيجة القصف الوحشي في بعض القطاعات في مدينة الثورة. وفي الجنوب ايضا يتكرر نفس السيناريو في البصرة والديوانية ومناطق الفرات الاوسط. المواطن في العراق اليوم في اسوأ مرحلة من حياته. سواء من جانب الخدمات او الجانب الانساني او الصحي. على سبيل المثال الكهرباء موجودة بالاسم فقط اما فعليا فهي معدومة كليا. النفط والغاز ايضا تسيطر عليه الميليشيات في مناطق معينة اضافة الى استمرار القتال ليلا ونهارا يمنع الناس من الخروج وتلبية حاجاتهم. ان الجماهير تمر في اسوأ مراحل حياتها وخاصة العمال والكادحين والفقراء والمعدمين الذين ليس لهم اجور او معاشات شهرية ثابتة . فالذين يعتمدون على الكسب اليومي لا يستطيعون الخروج كل يوم للكسب. هنالك عوائل باكملها محشورة داخل البيوت لا تستطيع المغادرة.

 

نحو الاشتراكية: واضح ان اوضاع الجماهير المعاشية تزداد تدهورا ؛ من الفقر والحرمان والبطالة وانهيار الخدمات الى الضمانات المقطوعة من تقاعد وصحة وتعليم مجاني الى وضع الاطفال المتردي ووضع النساء المتدهور وغيرها. هل بامكانكم اعطاء نبذة عن وضع المواطنين، كحقوق المرأة والاطفال؟

 

الرفيق ابو علي: كما نعرف ان العراق يعيش في ظل احتلال وفي ظل حكومة برجوازية تابعة تماما للاحتلال بل هي مأمورة من قبل الاحتلال. اعتقد ان الامر واضح للجميع فليس هنالك من حقوق للمرأة ولا حقوق للطفل ولا مدن العاب ولا حدائق ولا متنزهات ولا شئ بالمرة. نحن كشيوعيين نهتم بحقوق المرأة والطفل ونفكر في كيفية ظمان حقوقهم ومساواتهم وحياتهم الكريمة ولكن اين هي حقوقهم على ارض الواقع؟!

بالنسبة للنساء تشن حملة من قبل الاسلاميين لفرض الحجاب عليهن ولبس الجوارب والالبسة الاسلامية، بينما الاطفال محرومين من ابسط حقوقهم وهو حق التعليم؛ فالمدارس معطلة تماماً. لا يوجد في العراق اليوم اي رياض للاطفال او حدائق للعب الاطفال ولا اي متنزهات. لقد سبق ان اوضحت الحالة المأساوية للناس حيث ان العوائل لا تستطيع مغادرة بيوتها خوفا على سلامتها وسلامة افرادها واطفالها ورغم ذلك فان الصواريخ تنهال عليها وهي في مساكنها وتقتلهم بشكل جماعي. كيف يمكن في هكذا ظروف ضمان حياة امنة ومرفهة للنساء والاطفال والشباب؟ كيف يمكن ان نضمن ونناضل من اجل مساواة المرأة وهي تمر في هذا الوضع شديد الصعوبة.! لقد تم خطف احد المدرسات قبل ايام من احد مدارس بغداد وقبلها تم خطف طالبتين من طالبات المدارس وتستمر عمليات الخطف والقتل بشكل بشع ووحشي مستمرة ولا يمكن السيطرة عليها حتى من قبل ما تسمى بالحكومة. رغم اهمية الموضوع الا ان من الصعب جدا في هذه الظروف ادامة النضال من اجل الحقوق الاساسية للاطفال فالبلد يمر بازمة ضبابية قاسية لا تعرف نتائجها. القتال مستمر في كل المدن تقريبا في العراق بين ميليشيات اسلامية—اسلامية وبين قوات الاحتلال وقوات الميليشيات الحكومية الموالية له. والحقيقة فان من الصعوبة الاجابة على السؤال لعدم توفر الامكانية المادية والاجواء التي نستطيع من خلالها تعبئة القوى حول هذه المشاريع والسير الحثيث في النضال من اجل المبادئ الانسانية التي سألتم عنها.

 

نحو الاشتراكية: ان حالة الصراع والاقتتال بين الميليشيات الاسلامية هو انعكاس لحالة صراع بين الجمهورية الاسلامية الايرانية كزعيم لارهاب قطب الاسلام السياسي القابض على السلطة من جهة وبين ارهاب دولة امريكا وحلفاءها من جهة اخرى. ماهو تصورك للعلاقة بين صراع المالكي مع الصدر وبين صراع جورج بوش مع الجمهورية الاسلامية؟ هل تتدخل ايران في اذكاء الصراعات الحالية ومالذي تبغيه ايران في العراق؟

 

الرفيق ابو علي: بالنسبة للجمهورية الاسلامية في ايران تتدخل بشكل سافر وواضح وعلني. الامر يعرفه كل المواطنين في العراق شمالا ووسطا وجنوبا والمس الامر بشكل شخصي ويومي. اولا هناك مساعدة الميليشيات الاسلامية بكل انواع الاسلحة القاتلة. ثانيا ان الصراع برأيي ليس بين امريكا والجمهورية الاسلامية في ايران فقط. هناك وضع سياسي مرتبك حيث ان الدول العربية والاسلامية كلها تشارك في تمويل ميليشيات معينة وايران تساعد ميليشيات اخرى. ان ايران تريد ابقاء الوضع في العراق مرتبك لكي لا تستطيع اقدام امريكا الاقتراب من حدود ايران حتى على حساب دماء المواطنين في العراق وحساب الملايين من البشر. يوميا يعرض التلفزيون صور لاسلحة ايرانية متطورة مصنوعة في العام 2008. وتم اظهار اكثر من مرة ضباط ايرانيين من فيلق القدس شاركوا في عمليات البصرة، وجهزوا الميليشيات (مقتدى الصدر) بمنظومات اطلاق صواريخ بشكل عالي التقنية. الصراع برأيي ليس مقتصرا على ايران وامريكا ولكن الدول العربية المجاورة وغير المجاورة للعراق ايضا اضافة الى تركيا كلها لها اهداف سياسية في العراق ويخدمها عدم الاستقرار الموجود في هذا البلد لاسباب معروفة. هناك ترابطات كثيرة في العملية فهناك في كردستان حزب البه كه كه ( حزب العمال الكردستاني ) الذي يقاتل الحكومة التركية والاخيرة تقاتله داخل الاراضي العراقية. هناك احزاب سياسية معارضة تقاتل من اراضي العراق ايضا. في جنوب العراق فان احد اهداف ايران تشكيل جمهورية اسلامية في الجنوب وبدعم من احزاب عراقية موالية لايران وهم يدعون يوميا بان ايران لا تتدخل في شؤون العراق ولكن الحقيقة ان ايران تتدخل بشكل واضح وصريح وحتى السفير الايراني في العراق يصرح يوميا بشكل واضح عن تدخل ايران. ان الامر برأيي هو صراع دولي وهناك مشروع امريكي شرق اوسطي لتفكيك العراق ومن ثم التوجه الى الدول المحيطة  ان الصراع بين امريكا والجمهورية الاسلامية قائم وليس في العراق فحسب وانما في لبنان ، وفي اليمن ايضا حيث هناك فئات تقاتل الحكومة اليمنية وهم الحوثيين. هذا الصراع موجود وهو ملموس لدى كل المواطنين في العراق وان الجماهير في العراق تتذمر من تدخل النظام الايراني اليومي في حياة الناس وقصف السكان الامنين بقنابلهم وصواريخهم ، والقنابل التي تطلق على المنطقة الخضراء بدأت تسقط على مناطق اهلة بالسكان وعلى مستشفيات ويوم امس سقطت قذائفهم على امانة بغداد وعلى مستشفى ابن الهيثم وعلى نادي الكاظمية وعلى نادي القوة الجوية. ان التدخل الايراني مستمر بالرغم من اعلان الحكومة واحمدي نجاد بانهم يدعمون الحكومة  ولكنه كلام غير صحيح.

 

نحو الاشتراكية: لدى الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي استراتيجية لاخراج القوات الامريكية ونزع سلاح الميليشيات الاسلامية وهو يسعى الى استقطاب المجتمع والجماهير المتمدنة حول بديله. ومن جهة اخرى فان الحزب يناضل من اجل العلمانية وارجاع المجتمع المدني والحقوق الواسعة للجماهير والمساواة الكاملة بين المرأة والرجل. كيف تصف تعامل حكومة المالكي مع الجماهير؟ هل تعرفهم على اساس المواطنة او الهوية الانسانية ام على اسس اخرى؟

 

الرفيق ابو علي: ان برنامج حزبنا واضح لدى الجميع فصحفنا وتلفزيوننا يتحدث وكل رفاقنا وكوادرنا بشكل يومي نتحدث عن هذا الموضوع مع الناس. بدأ الحزب يتوسع وبدأت اراء الحزب تلقى اذان صاغية وهي مسموعة ومقبولة من الجميع. الكثير من الناس ممن نلتقيهم تواقين لتحقيق البرنامج المطروح من قبل حزبنا. هم معنا في كل ارائهم. المشكلة الاساسية التي تواجه عملنا هو الوضع الكارثي السائد في البلد وعدم وجود الامان وعدم الاستقرار. الجماهير تهتم بتحسين وضعها الامني والخلاص من الخوف. اما حول الحكومة ونظرتها الى المواطنين فهي لا تنظر الى المواطنين على اساس الهوية الانسانية او على اساس المواطنة. ان ما تدعيه الحكومة بهذا الصدد كلام كاذب تماما. الحكومة تنظر الى الناس على اساس طائفي وديني وعلى اساس المحاباة لجماعة المالكي او غيره. فعلى سبيل المثال فان الموظف لدى المالكي يقبض معاش بقيمة مليونين ونصف المليون في حين ان موظف الدولة يقبض مئة واربعين الف. انا اسال هذه السلطة: كيف يعيش المواطن بمئة واربعين الف دينار وقنينة الغاز هي في اعلى اسعارها والمحروقات شحيحة والبنزين والايجارات مرتفعة جدا حتى ان المهجر نتيجة القتال بين الميليشيات يحاول   ايجاد غرفة واحدة فقط لاسكان عائلته الكبيرة ولكنه لا يجد حتى غرفة واحدة. هنالك فوارق طبقية كبيرة ولدي ادلة كثيرة مثلا في الجيش والشرطة هنالك ضباط برتب عالية ولكنهم اميين اشبه بالملالي ايام الاقطاع. وهناك خريجي جامعات ولديهم شهادات ولكنهم عاطلين لا يعملون ولا قيمة  لهم في المجتمع ودون اي مداخيل مع كل العمال العاطلين عن العمل. الحكومة ليس لها ادنى احترام لحقوق المواطن. في العراق اليوم يسود نظام الموالاة. فمثلا العديد من البعثيين ممن كانوا جزءا من نظام صدام وكان لهم دور في قمع الجماهير في العراق اليوم يوالون احزاب اسلامية حاكمة وتبوؤا فيها مراكز متقدمة. وعلى العكس هناك الكثير ممن كانوا معارضين لنظام صدام واليوم هم يناضلون ضد الاحزاب الاسلامية الرجعية. بامكان الجيش والشرطة في العراق اعتقال اي مواطن وبدون اي امر قضائي وفي اي مكان. هذا مختصر للوضع في العراق.

 

نحو الاشتراكية:  هل من كلمة الى عمال العراق وجماهير العمال خارج العراق؟

 

الرفيق ابو علي: اناشد من على صفحات جريدة نحو الاشتراكية وتلفزيون سيكولار كل جماهير الطبقة العاملة في العراق بالتوحد والتراص. الواقع اليوم يدل على ان الطبقة العاملة في العراق مبعثرة؛ فهناك عدة نقابات واتحادات ومجالس وغيرها لذا فان المهمة الاولى هي في توحيد الطبقة العاملة حول شعارات الاشتراكية ونبذ كل ما يفتت وحدتها ويمزقها. كما واناشد الطبقة العاملة في كل العالم ان تقف معنا في هذه الازمة. الجماهير في وضع خطر وكارثي وقد بدأت السلطة الرجعية الحاكمة بعملية الخصخصة او بيع وسائل الانتاج المملوكة الى الدولة الى القطاع الخاص. فالعديد من المعامل يتم بيعها الان الى التجار وبدأ هؤلاء بتسريح العمال وزجهم في اتون البطالة وانعدام الافاق. ادعو جميع العمال الى الانظمام الى الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي وان يتوحدوا في نضالهم من اجل تحقيق مطالبهم سواء ضد الاحتلال او ضد الحكومة التي تسيطر عليها القوى الاسلامية التي هي في اساسها ادوات قمعية بيد الطبقة الرأسمالية وهي جزء منها.

 

نحو الاشتراكية: نشكرك على اللقاء.

 

الرفيق ابو علي: اشكر جريدة نحو الاشتراكية وتلفزيون سيكولار على اتاحة الفرصة لي للحديث عن اوضاع العراق وفسح المجال لايصال معاناة جماهير العراق والتعبير عن تطلعاتهم الى اوسع نطاق ممكن.

————————————————-

 * عضو اللجنة المركزية وسكرتير تنظيم بغداد للحزب الشيوعي العمالي اليســاري العراقي