لقاء نحو الاشتراكية مع عضوي المكتب السياسي جليل شهباز وسردار عبد الله حول مطالبة حكومة المالكي بانشاء محكمة الدولية

المحكمة الدولية غطاء لفشل حكومة المالكي

 

 

نحو الاشتراكية:  اثر الانفجار الضخم الذي استهدف المباني الحكومية لوزارات المالية والخارجية والمنطقة الخضراء، طلب نوري المالكي وزيباري من الامم المتحدة انشاء محكمة دولية على غرار محكمة الحريري في لبنان لتوريط سوريا في الارهاب. ما هدف حكومة المالكي من وراء طلب انشاء المحكمة الدولية؟

 

جليل شهباز:حاول المالكي حث الامم المتحدة انشاء محكمة دولية من اجل تبرير فشل الحكومة العراقية في بناء الدولة وفشل المالكي وحكومته في بناء مؤسسات دولة عصرية تستطيع ان تحقق الامن والاستقرار في العراق. ذلك جوهر الامر برأيي. ان تفجيرات الاربعاء استهدفت بالتحديد وزارتي الخارجية والمالية باعتبارهما اهم وزارتين في الدولة وذلك يعني ان التفجيرات موجهة لضرب سيادة واعتبار هذه الحكومة. ذلك اثار حفيظة حكومة المالكي لاثارة مسألة المحكمة الدولية من اجل تدويل القضية وتبرير فشل حكومته في تثبيت سلطة الدولة امام الجماهير. ومن جانب اخر يحاول المالكي من خلال طلب المحكمة توجيه انظار الجماهير الى ان الخطر بالاساس خارجي وقادم من دول الجوار.

 

نحو الاشتراكية: من المعروف ان المالكي وحكومة الميليشيات الاسلامية والقومية التي يترأسها لديها مشكلة. اساس مشكلة هذه الاطراف هو الدولة وتشكيلها. كم باعتقادك ان خطوة المالكي تلك لها علاقة بتثبيت وجوده كرئيس حكومة او سلطة وتأكيد ان البرجوازية العراقية المنصبة من قبل امريكا ناجحة ولها مكانة دولية؟

 

سردار عبد الله:برأيي ان ذلك صحيح. فالمالكي يريد ان يبين للمجتمع الدولي ان لديه حكومة ودولة مستقرة ولديه القدرة للسيطرة على المجتمع وعلى الارهاب ولكن شكواه هو من الايادي او الدول الخارجية. هنالك برأيي شئ اخر. فالمالكي يريد شكوى سوريا وتحويلها الى المحكمة الدولية وبرأيي هناك يد لامريكا واسرائيل في الموضوع. انه نوع من تشجيع الغرب للمالكي من اجل تثبيت سلطته في العراق. الجميع يريدون عزل سوريا عن القضية الفلسطينية وعزلها واضعافها اقليميا. المالكي وهوشيار زيباري يريدون كسب الاعتبار من الغرب. يريدون ان يقولون له اننا ضد الارهاب وعليكم مساعدتنا.

 

نحو الاشتراكية: الاخبار تتحدث عن تحشيد حزب الدعوة للجماهير ضد سوريا لاقامة تظاهرات احتجاجية. ويخطط  ايضا لاقامة تظاهرات اخرى يوم 24 ايلول. وهنالك خلافات بين مايسمى بمجلس الرئاسة والحكومة الان. ما تعليقك على الخلاف بين القوميين الكرد والمجلس الاعلى والحزب الاسلامي من جهة وحزب الدعوة من جهة اخرى؟

 

جليل شهباز:ان دعوة نوري المالكي وحزب الدعوة للجماهير للقيام بتظاهرات مؤيدة لسياساته بانشاء المحكمة الدولية امر في غاية الوضوح. حزب الدعوة يحاول فرض هذه المسالة على الرئاسة.  اما معارضة الرئاسة لمسألة انشاء المحكمة الدولية او معارضتها لسياسات المالكي فيتعلق بامر الصراعات الداخلية بين مختلف القوى والاحزاب القومية والدينية في السلطة. وكما هو معروف بعد "انتخابات" مجالس المحافظات تمكن المالكي وقائمته وحزب الدعوة من الحصول على اكثرية المقاعد في مجالس المحافظات في اكثر من 11 محافظة عراقية. بحصوله على هذا العدد من المقاعد في مجالس المحافظات تمكن المالكي من تغيير موازين القوى داخل الساحة السياسية العراقية وتعزيز موقعيته. اما جلال الطالباني فمعروف عنه وعن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني انه واثناء صراعه مع حكومة البعث كان يقيم اوثق العلاقات مع المجلس الاعلى وعائلة الحكيم من اقرب المقربين له، وتمكن الطرفان من عقد الكثير من الاتفاقيات والاحلاف السياسية في ذلك الوقت. حتى من ناحية الاهداف والستراتيجية السياسية لهما فباعتقادي ان المجلس الاعلى اقرب الى الطالباني من حزب الدعوة والمالكي. لذا ليس من الغريب ان تتخذ الهيئة الرئاسية هكذا موقف معارض. من شأن الهيئة الرئاسية ايضا حسم الموقف بالنسبة للمحكمة الدولية لان بيدها حق الاعتراض على اي قرار تتخذه الحكومة او البرلمان.  لذا فان المالكي بدعوته الى اقامة التظاهرات يسعى الى تحشيد وتعبئة قوى الجماهير ضد قرار الفيتو المحتمل للضغط على هيئة الرئاسة والتغطية على فشله في بناء الدولة سيما ان الانتخابات البرلمانية قريبة ولم يبقى عليها الا بضعة شهور. المالكي وحزب الدعوة يسعيان للحفاظ على نفوذهما وموقعيتهما المكتسبة داخل المجتمع.

 

نحو الاشتراكية:العديد من القوى الحالية قامت بتأييد الحرب الامريكية على العراق بل ودعت لها صراحة وعلانية وتوسلت باقمتها ودفعت لها، من اياد علاوي واحمد الجلبي والقوميين الكرد والاسلاميين. هل ان المأساة والكارثة الانسانية التي سببتها تلك الاطراف؛ من امريكا واعوانها من الاحزاب الدينية والقومية، تفرق كثيرا عن مجازر حزب البعث والقاعدة؟

 

سردار عبد الله:برأيي ان القاتل لا يستطيع القول لقاتل اخر عليك المثول امام محكمة !. انا اقول ان هذه القوى الدينية والقومية الحاكمة والمنصبة من الامريكين قد قتلوا البشر. قتلوا مئات الاف البشر ولهم يد في تدمير المجتمع في العراق. هذه القوى اياديها ملطخة بالدم ولديها سجل اجرامي ضد المجتمع العراقي بمساندة امريكا لشن هذه الحرب على المجتمع. هؤلاء قاموا بعمليات الاجرام حتى قبل ان يقوم حزب البعث بالعملية الاجرامية الاخيرة يوم الاربعاء. لدى هؤلاء سنوات من عمليات الاجرام ضد البشر في العراق. انا لست معارضا لمحاكمة البعثيين المتورطين في الاجرام في محكمة دولية ولكن ايضا المالكي والمجلس الاعلى والقوى القومية الكردية والدينية في العراق جميعها يجب ان يجلبوا الى المحكمة العلنية وامام الجماهير. كلهم لديهم سجل اجرامي. كلا الطرفان قاتلين للبشر. يجب ان يذهب كلا الطرفين الى المحكمة او تسليمهم الى المحكمة. حتى جورج بوش برأيي يجب ان يجلب الى المحكمة. انه المجرم الاول. انه متهم بقتل مئات الاف البشر ليس في العراق وحده بل في العالم ايضا. ولو كان هناك محكمة دولية عادلة فان عليها ان تحاكم بوش وبلير وكل قادة الميليشيات الاسلامية والقومية. الان يريدون جر البعثيين الى المحكمة الدولية. ان ذلك متعلق بانفجار يوم الاربعاء 19 اب. الانفجار الاخير كان يستهدف الدولة الحالية ويتعلق بها: ومن هنا استهداف وزارة المالية والخارجية والمنطقة الخضراء. ذلك خطر على الحكومة الحالية ومن هنا يريدون جلب البعثيين الى المحاكمة ويخافون من احتمال اسقاط الحكومة في العراق. انا مع جلب الطرفان الى المحاكمة بتهمة الاجرام ضد الجماهير.

 

نحو الاشتراكية: ان المفارقة هو ان مجموعة نصبتها امريكا وقامت باكبر الجرائم ضد الانسانية في العراق يطلبون من المجتمع الدولي اقامة محكمة لمن قام بالاعمال التفجيرية الاخيرة. كيف يمكن ان يطلب هؤلاء بالعدالة وحقوق البشر؟ كيف تعلق على هذه المفارقة المرة ؟.

 

جليل شهباز:ان من الطبيعي عندما تكون الحكومة قائمة على الطائفية والمذهبية فان اي تغيير في الموازين السياسية سيعني بحد ذاته اهتزاز الموقع السياسية والاجتماعي لبعض من القوى السياسية سواء في الحكومة او المعارضة او مايسمى بالمعارضة. مثل هكذا قوى عندما تفقد نفوذها داخل المجتمع فان اول ما يدعون له هو الرجوع الى الجماهير وخداع الجماهير والتحرك على الاماني والمطالب الجماهيرية وعلى النزعة الانسانية للجماهير لتعزيز مواقعهم السياسية من جديد بغرض المنافسة  وتقوية موقفهم في الصراع السياسي الجاري في البلد. نرى تارة مجموعة من الاحزاب كالتيار الصدر، وفي مرات اخرى المجلس الاعلى وبعض المرات الاحزاب الكردية عندما تهتز مواقعها السياسية فانهم يرجعون الى الجماهير. مثلا الاحزاب القومية الكردية دائما عندما يضعفون امام الدولة المركزية فانهم يرجعون الى اثارة النعرات القومية والنزعة الشوفينية ويرفعون الشعارات القومية والشوفينية حتى يرهبون بها الدولة المركزية وبالتالي يعززون موقعهم السياسي التنافسي داخل الساحة السياسية العراقية سواء الحكومة المركزية او بقية القوى. هكذا قوى وخاصة بعد التطورات السياسية الاخيرة الحاصلة في العراق وتقوية النزعة الجماهيرية والنفوذ الجماهيري في الضغط على الحكومة. انهم يحاولون خداع الجماهير من اجل تعزيز الموقع السياسي والاجتماعي للدخول في عملية الانتخابات حتى يحصلوا على مقاعد اضافية او نفس المقاعد التي حصلوا عليها اصلا. لذا نرى قوى سياسية كحارث الضاري او المالكي او التيار الصدري يعزفون على هذا الوتر، اي وتر الجماهير وماتريده الجماهير.

 

نحو الاشتراكية:يقول بيان الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي حول المحكمة الدولية في فقرته الاخيرة: " ان انهاء الاوضاع الكارثية في العراق ليس متعلقا بكشف مؤامرات حزب البعث الحاكم في سوريا في دعم ارهابيي حزب البعث العراقي...". هل تعتقد ان الارهاب هو مؤامرة لاحد الانظمة ؟ ام هناك شروط يجب توفرها لانهاء الارهاب؟

 

سردار عبد الله:ان الاوضاع السائدة حاليا في العراق هي جزء من شروط واوضاع الاحتلال وهي تبدأ من امريكا مرورا بالمالكي وكل القوى الدينية والقومية والطائفية وحزب البعث والقاعدة كلها وضعت المجتمع بشروط الدمار والقتل والكارثة. ان الجميع متورطين ومتدخلين في توفير هذه الشروط. ان كل منهم يريد حصة في هذه الاوضاع. ايران من جهة والسعودية من جهة وسوريا كل منهم يريد كسب حصة لنفسه. مادامت هذه الشروط موجودة فان الاوضاع لن تنتهي ولن تخلص جماهير العراق من هذه المأساة. ان الارهاب لا يمكن ان ينتهي بهذه الطريقة. ان حزبنا يقول ان شروط الارهاب يجب ان تزول واولها قوى الاحتلال الامريكي وقوى الميليشيات المسلحة الدينية والقومية. من هنا مطلبنا في اخراج الاحتلال كليا ونزع سلاح الميليشيات. دون ذلك فان الوضع سيبق نفسه دون تغيير وكل طرف يريد جر الاوضاع لصالحه. في حالة بقاء الحالة كما هي فان سوريا وغيرها ستندفع اكثر للتدخل او السعودية او غيرها وكل منهم يريد مصلحته. شئ اخر وهو ان ارادة الجماهير شئ مهم هنا. اذا لم تتدخل الجماهير تدخل جدي في هذا الموضوع وذلك ضد الطرفين: الطرف الامريكي والطرف الاسلامي والقومي. يجب ان تقول الجماهير لهم ان كليكما ضد البشر وكليكما يحطم المجتمع. يجب ان يطالب الناس باخراج امريكا من العراق وان تنتهي الميليشيات الاسلامية والقومية في العراق وتنزع جميع اسلحتها. يجب ان تقف الجماهير ضد معسكري الارهاب. ان المعسكرين اثبتا انهما ارهابيان. ان الطرفان قتلا البشر وفي حال عدم الوقوف بوجه كليهما فان الوضع لن يتغير. الجماهير تخرج الى الشارع وتطلب من الطرفان ان يخرجا من الساحة: امريكا خارج العراق والاسلاميين القوميين ينزعون اسلحتهم. ليس هناك حل اخر غير ذلك.

 

نحو الاشتراكية: بالمطلب الاخير للحزب يقول البيان:" محاكمة قادة الاحتلال وقادة الميليشيات الاسلامية والقومية كمجرمي حرب". كيف يمكن من الناحية الموضوعية تقديم كل مجرمي الحرب الى المحاكمة. كيف يمكن جلب كل هؤلاء. وهل ان جلبهم سيحقق تحسين في اوضاع الجماهير؟

جليل شهباز:عندما رفعنا شعار تقديم هذه القوى التي ساهمت في قتل الجماهير والدمار والحرب الى المحاكمة كمجرمي حرب كنا نعرف مسبقا ان هؤلاء سببوا الكوارث لجماهير العراق و وسببوا الحروب التي عانت منها جماهير العراق لاكثر من 3 عقود. ان هؤلاء المجرمين خططوا لهذه الحروب ونتيجة لسياساتهم الاجرامية واللا انسانية هذه الكوارث والمآسي التي عانت منها جماهير العراق. ان محاكمة قادة الاحتلال والميليشيات هي مطلب جماهيري. اسأل اي عامل او انسان محروم او بائس في العراق سيقول لك ان حرب امريكا على العراق هي سبب مأساتي . ان احتلال امريكا هي سبب سوء الاحوال المعيشية هي سبب فقدان الامن هي سبب عدم استقرار البلد هي سبب الكوارث التي عانينا منها. هي سبب هدم البنية الاقتصادية للمجتمع وهي السبب هتك النسيج الاجتماعي للبلد. كل انسان في العراق يدرك هذه الحقيقة. عندما نرفع شعار هؤلاء المجرمين لمحاكم دولية فهي تعبير عن مطلب جماهيري. هل ان الامر واقعي ام غير واقعي فهذه مسألة تتعلق بتغير موازين القوى. بعد الحرب العالمية الثانية كان هتلر والحزب النازي قوة اساسية وبمجرد تغير الموازين الدولية تم تقديم الحزب النازي لمحاكم نورمبرغ. ان تغيير الموازين الدولية بامكانها ان يقدم مجرمين كجورج بوش وتوني بلير للمحكمة الدولية كمجرمي حرب. ان تغيير الموازين ليس بالامر الخيالي بل امر واقعي فكل المجتمع البشري يتطلع الى حياة افضل وحرة كريمة ويتطلع الى العدالة والقيم الانسانية لذا فان شعارنا بتقديم هؤلاء المتهمين للمحكمة كمجرمي حرب هو تعبير واقعي عن النزعة الانسانية لجماهير العراق حتى ينالوا جزائهم. بحركتنا وتعبئة الجماهير يمكن تحويل هذه المطالب الى قوة داخل المجتمع تغير الموازين وتدفع القوى الانسانية الى الامام.

 

نحو الاشتراكية:شكرا جزيلا.