لقاء نحو الاشتراكية مع سمير نوري عضو المكتب السياسي حول المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي العمالي اليســـاري العراقي

 

 

نحو الاشتراكية: ناقش المؤتمر الثاني للحزب 3 مشاريع قرارات مقدمة، وتم التصويت عليها واقرارها. كما ناقش بحثا مهما حول الحزب والتحزب. هل لك ان تحدثنا اولا وبشكل مختصر عن المحتوى العام للقرارات الثلاثة واهمية اقرارها في المؤتمر الثاني؟ وعن بحثكم حول الحزب والتحزب؟

 

سمير نوري:  كما ذكرتم بان المؤتمر اصدر ثلاثة قرارات مهمة، وقدم بحثا محوريا حول الحزب والتحزب كجزء مهم من التوجه السياسي للحزب في الأوضاع السياسية الراهنة في العراق. هذه القرارات تشكل الخط العام للحزب بين المؤتمرين اي المؤتمر الثاني و الثالث و جواب الحزب على المسائل المحورية في العراق و اخراج المجتمع من الأوضاع التي وقع فيها ، نحو مجتمع حر ومتساو واشتراكي.

 

قرار الأوضاع السياسية والحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي يعطى الخطوط العامة للاوضاع السياسية بعد خمسة سنوات من الحرب والتغيرات السياسية التي حدثت و توازن القوى ومكانة الأشتراكية واستراتيجيتها وتاكتيها السياسي.

 

اما قرار الحزب حول كوردستان فيجسد طرح الحزب لحل القضية الكردية والموقف من الأوضاع السياسية والحركة الجماهيرية الأعتراضية في كردستان واوضاع القوميين الكورد واخيرا طرح استقلال كردستان كحل فوري لحل الأوضاع الحالية.

 

والمسألة العلمانية تشكل احد اهم ميادين الصراع الطبقي في العراق و كان اصدار قرار لترسيم سياسة موحدة في هذا المجال ضروريا للحزب وخاصة في المؤتمر لتفعيل قوى الحزب في هذا المجال والنضال الجماهيري الواسع من اجل مجتمع علماني يسود فيه حق المواطنة المتساوية وفصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم.

 

ان بحث الحزب و التحزب يقع في محور قضية الاشتراكية، فبدون حزب منضبط سياسي وقوي (بلشفي) فان بناء مجمع اشتراكي يبقى حبرا على ورق. لذا فان ذلك ليس مجرد بحث بل يشكل القضية المحورية في مسالة تحقيق الأشتراكية، ليس فقط حزبا يرفع راية الأشتراكية وانما حزبا يواجه البرجوازية في كل الجدالات الموجودة في العراق. ان بناء هكذا حزب امر ضروري للعامل والجماهير المحرومة في العراق مثل الماء والخبز. لذا فان هذا البحث هو نقاش حول ان تحقيق الأشتراكية رهن بوجود حزب اشتراكي سياسي قوي.

 

نحو الاشتراكية: في قرار حول الاوضاع السياسية في العراق ودور الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي هناك اعادة لاستراتجية الحزب حول اخراج القوات الامريكية ونزع سلاح الميليشيات الاسلامية والقومية. لم اعدتم صياغة هذا المطلب مع العلم انه مطلب الحزب منذ البداية؟ اي منذ كتابتكم لاستراتيجية الحزب ومطلبكم هذا لم يتغير؟ هل يعني هذا ان الاوضاع في العراق مازالت كما هي؟

 

سمير نوري: هناك تغيرات سياسية جدية في العراق والقرار يشير الى تلك التغيرات، و لكن لا يزال وجود الأحتلال و القوى العسكرية الأمريكية و حلفائها و الميليشيات و العصابات القومية والدينية يشكل الخطر اليومي على حياة الجماهير الغفيرة و السبب الرئيسي لأنعدام الأمن  والخبز والحرية في العراق، لذا فان اخراج امريكا ونزع سلاح الميليشيات القومية و الدينية تعتبر من  المهام الفورية والعاجلة للحزب.

 

و من اجل تحقيق هذا الهدف فان الحزب يناضل من اجل التعبئة الجماهيرية على الصعيد العالمي و المحلي حول هذا الشعار و ان خلاص جماهير العراق مرهون بتحقيق هذا الشعار.

 

هناك تغيرات جدية حدثت في العراق منذ غزو العراق. فان افول النظام العالمي الجديد بسبب فشلهم في العراق وايقاعهم في مأزق يصعب الخروج منه. ومن طرف اخر، فضح كل القوى البرجوازية في العراق وعدم قدرتهم على حل الأوضاع وعجزهم في حل معضلة الدولة وتقديم الخدمات و توفير الأمن والخبز للجماهير، افسح الفرصة لقبول البديل الأشتراكي قبول اجتماعي، وهذه التغيرات الجدية سوف تطبع اوضاع العراق المستقبلية وسترجع الأشتراكية الى حلبة الصراع بقوة اجتماعية.

 

نحو الاشتراكية: تذكرون في النقطة الثانية من القرار حول الاوضاع السياسية ودور الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي الى " ان الأوضاع في العراق تشير الى الأزمة السياسية العميقة للبرجوازية بشقيها العالمي والمحلي." كيف ان البرجوازية في ازمة وهي التي وصلت الى تحقيق غاياتها ودمرت البلد وتسلقت الى السلطة بتنصيب فوقي من قبل قوات الاحتلال؟. وهل تعنون ان البرجوازية الامريكية هي الاخرى في ازمة من خلال قولكم "بشقيها العالمي والمحلي"؟ كيف ؟

 

سمير نوري: هدف البرجوازية العالمية و بالاخص الأمريكية في احتلال العراق لم يكن تدمير البلد وتحويله الى مكان الأقتتال والتدمير والأنفلات الأمنى. انها مثلت الضربة الأولى لكي يسيطروا على الوضع و تدمير بعض المناطق. لكن ليس هذا هو الهدف. لذا فان استمرار الوضع المأساوى و عدم وجود الاستقرار والدولة التي تحمي مصالح البرجوازية و يوحدها و يرجع دولاب الأنتاج والأرباح هو الهدف. لكن ليس فقط ذلك لم يحدث بل ان الحرب في العراق ادت الى امتصاص الضرائب التي تجمعها البرجوازية الأمريكية من العمال والجماهير في امريكا، وقد ادى ذلك الى فقدان شعبية الجمهوريين في امريكا.  تابعوا الأنتخابات الأمريكية.

 

البرجوازية في ازمة بشقيها العالمي والمحلي لأنهم ليس لهم حل. انهم يخرجون به من ازمة و يقعون في أخرى، انهم عاجزبن عن حل الوضع بسبب السياسات التي مارسوها وقسموا المجتمع بين الطوائف والقوميات والأديان. ان اعطاء القوة للرجعيين القوميين والأسلاميين دفعت الأوضاع الى الأسوء. لذا فان افاقهم مسدودة.

 

نحو الاشتراكية: في نفس القرار يتم الحديث عن افول النظام العالمي الجديد لامريكا كاحد نتائج فشل امريكا في العراق. هل لك ان توضح هذه النقطة اكثر؟

سمير نوري: اذا كانت الحرب الخليج بعد احتلال العراق للكويت افسحت المجال لامريكا ان تتزعم العالم كقوة بدون منازع والى صعود نظامها العالمي الدموي الجديد، فأن الهجوم الثاني على العراق ادى الى انقلاب الأوضاع ضدها. اذا كانوا يدعون بأنهم دفنوا حرب فيتنام في الصحراء الكبرى في الحرب الخليج، فقد تبين ان غزو العراق من 2003 دفن كل ما حصلوا عليه في حرب عاصفة الصحراء في العام 1991.

 

ان مأزق امريكا اكبر من ان يحسب بعدد قتلاها من الجنود في العراق، انهم اتوا الى العراق بنية المواجهة مع الأرهاب والمجاميع الأسلامية لكنهم سلموا زمام الأمور في العراق الى الاسلاميين. بدلا من اضعاف الأسلام السياسي بعد غزو العراق اصبح الأسلاميين اقوياء اكثر بكثير، في فلسطين سيطروا على السلطة وحسن نصرالله اصبح منقذ لبنان وفلسطين معاً. ان افول امريكا ونظامها العالمي الجديد جاء بسبب فشلهم في العراق وسوف يفرض عليهم التراجع اكثر فاكثر. ان تاريخ جديد من نهوض اليسار ينتظر العالم.

 

نحو الاشتراكية: ان الحكومة العراقية هي صنيعة الغرب وتحديدا امريكا وقد قامت بفرضها على الجماهير وبشكل فوقي خارج ارادة تلك الجماهير. انكم تقولون ان كل القوى السياسية الاسلامية والقومية بكل الوانها واطيافها هي في حالة تراجع وتخبط؟  لماذا هذا القول ؟

 

سمير نوري : جماهير العراق كانت متعطشة للحرية من نظام الأستبداد والهمجية القومية. وكان الكثير من المثقفين المتوهمين يتصورون انه بغزو العراق و مجيء امريكا الى العراق فسوف يتحول العراق الى دولة "ديموقراطية" كما كان ادعاءات البرجوازية الأمريكية. لكن هذا الحلم الوردي قد تبخر بين ليلة وضحاها. جلبت قوى الى سدة الحكم لم يكن في خيال اي انسان شريف في العراق ان يأتى بها، جمعت امريكا الرجعيين من كل شاكلة ونوع على طول و عرض العراق من الملالي ورؤساء العشائر والقوميين العشائريين وتم جمعهم في سيناريو انتخابات خالية من ادنى مستويات و معابير الانتخابات تحت سقف واحد وسموه البرلمان العراقي. توزعت الأدوار بين ابطال الميليشيات القومية والدينية و سموها الحكومة العراقية. ان هذا المهزلة هي مهزلة الحكومة الدمية العراقية وشماعة البرلمان. و الآن و يوم بعد يوم يزداد الوضع سوءا وتتفجر الصراعات بين تارة واخرى مرة في الجنوب ومرة في الشمال.

 

نحو الاشتراكية: يتحدث القرار الاول في فقرته الاخيرة عن ان بديل الحزب يتمثل في " نزع السلطة السياسية والاقتصادية للبرجوازية وبناء الاشتراكية". كيف تنزع السلطة السياسية والاقتصادية للبرجوازية ؟ وما معنى قولكم ان "الاشتراكية هي الحل" ؟

 

سمير نوري: نحن نعتبر انفسنا اشتراكيين وندعو الى بناء الجمهورية الأشتراكية ولدينا قناعة كاملة بانه ليس هناك مرحلة اخرى يجب على المجتمع ان يمر بها لكي يصل الى الأشتراكية، او بمعنى اخر نحن ندعو الى الاشتراكية كبديل للنظام الرأسمالي الحالي في العراق و ليس لنا اي تردد في هذا بعكس كل القوى المدعية باليسار بان المجتمع غير مؤهل لكي يطرح الأشتراكية الآن بل يحتاج الى تغييرات اخرى و بالأحرى ان الأشتراكية غير موجودة في اجندتهم.

 

و من جانب اخر البرجوازية بينت للعالم بانها بربرية و ليس في برنامجها اي تغيرات في صالح الأنسانية و تجربة العراق قد بينت بدقة مدى صحة شعار" اما البربرية واما الأشتراكية" اي ان تدمير العراق من قبل البرجوازية العالمية و المحلية بينت ان البرجوازية رجعية و ضد الانسانية و بغير الحرب والدمار والفقر وسلب الحريات وحقوق الجماهير فليس لها ثمة بديل اخر.

 

ان الأشتراكية هي الحل بمعنى الا يوجد حل اخر امام البشرية وخاصة بعد سيطرة النظام العالمي الجديد و تحويل العالم الى غابة لانتاج الربح و ترك الأنسان في هذا الغابة لوحده، الآن لم يبقى مكانا لدولة الرفاه بل افسح المجال للسوق الحرة و جبروت صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. اي تغييرات في صالح البشرية رهن بالاشتراكية وتقوية هذه الحركة عالميا ومحليا.

 

الأشتراكية هي الحل اي الأشتراكية لديها جواب لكل المشاكل و المعضلات والقضاية الموجودة ، البرجوازية عاجزة تماما عن حل مسائل الحرب و الفقر و الحرمان و توفير الحريات و الدفاع عن العلمانية.

 

ان الأشتراكية غير ممكنة بدون نزع السلطة السياسية والأقتصادية للبرجوازية، لا يمكن بناء الأشتراكية فقط بتبادل السلطة من يد قوى الى ايادي قوى اخرى وتبادل الأدوار. الأشتراكية تستوجب سلب السلطة السياسية و الأقتصادية من البرجوازية لذا فان اي تغيير سطحي او القيام بالثورة "البرتقالية" او الوصول الى السلطة السياسية عن طريق التحالفات و تشكيل الدولة الأئتلافية لا يمكن ان يوصلنا الى الأشتراكية، ان ألأشتراكية تستوجب الثورية الأشتراكية ونزع سلطة البرجوازية وتدمير الة الدولة البرجوازية وتحطيمها والتغير الجذري في علاقات الأنتاج والغاء الملكية الخاصة البرجوازية لوسائل الأنتاج وللأرض والغاء العمل المأجور وبناء مجتمع يعتمد على الملكية العامة لوسائل الأنتاج.

 

فقط ببناء الاشتراكية نستطيع ان نحرر البشرية من الفقر والحرب والأستغلال و الحرمان و بناء مجتمع انساني، لان الأشتراكية تدق في جذر اللامساواة وانعدام الحرية الكاملة لذا نحن نقول" ان الأشتراكية هي الحل". 

 

نحو الاشتراكية: رفيق سمير نشكركم جزيل الشكر ونتمنى لكم النجاح.