مقابلة برنامج عالم افضل وجريدة نحو الاشتراكية مع عصام شكــري رئيس الهيئة التنفيذية للحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي

 

خيال ابراهيم: قال هاشم الشبلي الذي كان يتولى منصب وزير العدل في مجلس الحكم المؤقت والذي حكم بعد اسقاط نظام صدام ان اسمه اختير في اللحظة الاخيرة ودون مشاورته. وقال انه لا يريد المشاركة في الحكومة الجديدة باعتباره ممثلا لطائفة (ويقصد السنة) وليس حزبا سياسيا. كيف تنظرون الى تشكيلة الحكومة الجديدة وعلى تعليقات من هذا القبيل؟

 

عصام شكــري: لقد وضح الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي موقفه ليس فقط من تشكيل الحكومة الجديدة بل من مجمل الوضع السياسي في العراق. ان هذه السلطة البرجوازية سلطة رجعية بكل ماتعني الكلمة. فقد تم تقسيم المجتمع الى طوائف واثنيات ومذاهب وقوميات. اجريت الانتخابات تحت الاشراف الامريكي وبدعاية مكثفة من الاعلام العالمي على انها انتخابات ديمقراطية حرة. تشكلت كتلة الائتلاف العراقي الموحد وهو تجمع لكتلة الاسلام السياسي الشيعي والتحالف الكردي وهو تجمع القوميين الكرد وتشكلت هيئة علماء السنة والجبهة التركمانية وتشكلت هيئآت وجبهات وتجمعات كلها اكتسب الطابع القومي المذهبي التقسيمي المناهض للجماهير وانسانيتها وتوحد اهدافها ومطامحها. قالوا بأن الشعب العراقي هو شعب طائفي والحقيقة في مكان اخر تماماً. ان مشروعهم الامريكي بالاساس – مشروع النظام العالمي الجديد هو مشروع تفتيتي - اي تفتيت المجتمع المدني ليس في العراق فحسب بل في كل انحاء العالم ( والامثلة كثيرة) وذلك من خلال نزع الهوية الانسانية عن البشر والصاق الهوية الاثنية الطائفية المذهبية محلها. تصريحات الشبلي برأيي لا تعبر عن نقض المبدأ الامريكي الطائفي هذا او نفيه لانه اشترك اساسا في اللعبة الامريكية القذرة منذ البداية وانما تعبر عن عدم رضا رموز ما يسمى الطائفة السنية على نظام المحاصصة الطائفية بشكلها الحالي ولكنهم يدعون ذلك بشكل يحاول ان يكون متمدن ومناف للمشروع الامريكي اي بادعاء العلمانية ورفض الطائفية. الحكومة الحالية وبوجود حليفها القوات الامريكية هي حكومة طائفية ومذهبية وعشائرية وقومية ستجعل من العراق ساحة لتعميق سياسة النظام العالمي الجديد والحرب بين الارهابيين: الدولة الامريكية من جهة والاسلام السياسي واعوانه من البعث من جهة اخرى ولن تؤدي الا الى مزيد من الدمار والخراب. ان السيد جلال الطالباني وكمثال على ما اقول يطالب بمحاربة الارهاب الاسلامي من خلال ميليشيات البيشمركة الكردية وتنظيمات بدر الطائفية الاسلامية والمليشيات العشائرية المدفوع لها فيما يسمى المناطق الغربية للعراق. هذا يؤكد صحة رؤية الشيوعية العمالية اليسارية الى الاحداث بان خروج امريكا من العراق ونزع سلاح المليشيات الطائفية والقومية المتخلفة من قبل قوة اممية تحل محل أمريكا وبريطانيا هو الحل الواقعي الواجب دعمه من اجل خلاص جماهير العراق من هذا السيناريو البغيض. نعبئ الجماهير وقواها من اجل تنفيذ هذا البديل الانساني.

 

خيال ابراهيم: بمناسبة اختطاف الرهينة الاسترالية في العراق، توجه احد الاسلاميين من الائمة من استراليا الى العراق بغرض المساهمة في اطلاق سراحه. مارأيكم بهذه المبادرة وتعليقكم على كون ان قوى الاسلام السياسي نفسها تحاول ان تلعب دورا في اطلاق سراح الرهائن الغربيين؟

 

عصام شكــري: انه لمن النفاق والسخافة حقا ان تقوم قوى الاسلام السياسي الارهابية بمحاولة التوسط لاطلاق سراح الرهائن من ايدي رفاقهم الارهابيين وبحماية انظمة الغرب نفسها.! ان رجل الدين ورمز الاسلام السياسي من استراليا خرج على شاشات التلفزيون في العالم ليرسل رسالة الى رفاقه والى العالم فحواها " نحن نبارك جهودكم في الجهاد والمقاومة، ولكننا نناشدكم اطلاق سراح الرهينة الاسترالي لان امه مريضة وتتألم!!". ان هذا الافاق يخاطب مجرمين وقتلة مأجورين ويصفهم بانهم مجاهدين ومقاومين الخ. هذه صفاقة. الاكثر من هذا ان يقوم الغرب وحكوماته بالترويج للاسلام السياسي وفسح المجال الاعلامي له للعب دورا في اعادة انتاج الاسلام السياسي كحركة منقذة للبشرية وميالة الى السلم والتسامح واحقاق الحقوق في الوقت الذي تقطر ايدي تلك الحركة بالدماء بالاتفاق مع قوى ارهاب الغرب ومنها حكومة استراليا. ان انقاذ حياة اي انسان من الموت البشع الذي يخطط له هؤلاء الاسلاميون شئ مهم جدا وله اولوية على اي شئ ولكن ان يأتي عن طريق الاسلام السياسي نفسه او عن طريق مساهمات ترعاها حكومات الغرب الارهابية نفسها لهو اكبر دجل وسماجة سياسية للبرجوازية وانها في حقيقة الامر تبغي من ورائها مطامح اخرى. يجب علينا كاشتراكيين ان نفضح هذه المحاولات ويجب علينا ان ندين الغرب والاسلام السياسي قطبا الارهاب العالمي معاً. يجب ان تحل الجماهير محل هذه القوى وان تنزل الى الميدان السياسي. فقط من خلال ذلك بامكاننا القضاء على الارهاب والاجرام بشقيه.

 

خيال ابراهيم: والان ننتقل الى الشأن العالمي. فقد فاز حزب العمال البريطاني في الانتخابات البريطانية التي جرت في 5 ايار الحالي واصبح توني بلير اول زعيم عمالي يفوز برئآسة الحكومة للمرة الثالثة. كيف تنظرون الى فوز بلير؟ ماذا يعني فوز بلير واثر ذلك على الوضع في العراق؟

 

عصام شكــري: فوز بلير من الناحية الشكلية يشبه الى حد كبير فوز بوش بولاية جديدة في امريكا. ان من المهم جدا ان نعي ان الانتخابات ( اي انتخابات) لا تجري في فراغ. هنالك تعبئة ايديولوجية عظيمة يقوم بها اليمين العالمي. هنالك اجواء حرب قطبي الارهاب العالمي؛ حكومات الغرب ( امريكا وبريطانيا) من جهة وقوى الاسلام السياسي من جهة اخرى. هنالك تفتيت للمجتمعات الى تجمعات مكونة من اثنيات واديان حتى داخل المجتمع البريطاني نفسه ومجتمعات الغرب عموما. هنالك صعود هائل لتيار اليمين الجديد؛ الريغاني في امريكا والثاتشري في بريطانيا والاسلامي في الشرق الاوسط. ان نتائج الانتخابات البريطانية تجري بنفس سياقات الانتخابات الامريكية والعراقية من حيث تصاعد قوى اليمين العالمي. نفس المعسكر الرجعي، نفس القوى الرجعية، نفس المعسكر اليميني الذي يرفع نفس اللواء ( محاربة الارهاب). الحقيقة ان هذا المعسكر يستثمر هذه الاجواء باستعمال هذا الشعار لتهيئة الاجواء لاعادة انتاج نفسه في ظل غياب بدائل اليسار وقوى العمال والانسانية والتمدن والاشتراكية. ان انتصار بلير قد تحقق رغم انف الشعب البريطاني والذي كان قد خرج سابقا بالملايين استنكارا للحرب على العراق. ان فوز بلير هو فوز للاسلام السياسي واعادة تعريف له. انه انتصار لبن لادن والزرقاوي والقرضاوي والجعفري والحكيم وخامنئي ولشيوخ السعودية. انه فوز لكل ماهو معاد للتمدن والبشرية ومؤيد للتخلف والرجعية " والخصوصية". ان ضعف قوى اليسار والبدائل التحررية والقوى العمالية والاشتراكية اسهم في خلق الاجواء المناسبة لفوزبلير في بريطانيا وسياسته الرجعية – سياسة النظام العالمي الجديد للولايات المتحدة. ذلك سينعكس بطبيعة الحال على تصاعد عمليات ارهاب الدول الغربية وارهاب الاسلام السياسي في العراق وبشكل متساوق. سيزيد من احتقان الموقف وتعميق السيناريو الاسود في العراق. اليوم مدينة القائم تشهد مجزرة امريكية ومدن بغداد الجديدة والاعظمية والسيدية والغزالية تشهد على اجرام الاسلام السياسي. فوز بلير سيزيد من اراقة الدماء وتعاسة الناس في العراق ويعمقه ولن يخففه ابداً.